لم يكف ما تفاجئنا به أخلاق الناس ممن يعتلون المقاعد، تُعمى بأضوائها قلوبهم، فيفعلون ما يحرك ريح المآسي، تلك التي أقل ما تبعثه في الإنسان هي ضحكة ساخرة، وهازئة، ومليئة بالحسرة...
والناس قالت من قبل: «شر البلية ما يضحك»..
حين يلفُّون حول أنفسهم في صور هزلية بعد أن ينكشفوا..
هم يضربون أخماسا بأسداس
والبقية يقبضون على حرقة تشتعل بها القلوب..
ولم تقتصر قضايا الفساد على ترمل نساء,، وتيتم صغار، وفقد قلوب أمهات وإخوة. لمن يعولونهم، بسرعة مركبة مارقة، أو خبط عشواء رصاصة عابثة، أو التهام شج في أرض لم يخلص بناؤها بردمها، أو سقوط حائط لم يقم على عماد...
حين لا يكون الاغتيال، أو الشج، أو الرصاصة، أو الحائط هي فقط تلك الكيانات المادية, ذات القوامات المعروفة..
بل تلك التي تقود إليها دلالات التَّمَاس بمعاني التردي, والقتل، والاصطدام، والغرق, والسقوط...
فتُستبدل الدمعة بضحكة، حين تألم النفوس لحال الأفعال التي يتصدى بها, من يسعى لردم الهوة، وتعويض الجرح، وجبر الكسر، ومد اليد.. لأن الإنسان في حال الفقد العمد, لا ما يعوضه فراغ القهر.., وخلو الوفاض..
هم يتعثرون بحبالهم دون أن يصلوا بها لمرامي الفاقدين
والبقية يقبضون على جذوة يتقد أوارها في الصدور...
الضحك عن البلية غاية التعبير، ومنتهى الجرح...
والشر الذي في البلايا الناجمة عن تفريط الإنسان، مضحكٌ, ضحك افتقاد للثقة في الإنسان، مغموسٌ في الحسرة، مكتظُّ بالتعبير عن الأسى...
وأبلغ التعبير ما كان بالضد...
منتهى الفقد، والرفض، والألم...
ألا يضحككم هذا الخبر الذي أوردته الجزيرة في عدد أمس الأول، الذي يقول عن لسان رندة أحمد, وبلال أبو دقة من القدس الشريفة: (كشف موقع ويكيليكس أن الأمير -فيليب دوق أدنبره- زوج الملكة إليزابيث الثانية ملكة المملكة المتحدة، يملك جزءاً حيوياً ومهماً وسط مدينة القدس. والبرقية التي نشرتها صحيفة ديلي تلغراف بعثت من سفارة الولايات المتحدة في إسرائيل بعد أن قالت روسيا إن ملكية المجمع المعروف باسم فناء سيرغي في القدس يملكه الأمير فيليب. ويضم المبنى مكاتب الحكومة الإسرائيلية ومقر لجمعية حماية الطبيعة في إسرائيل، وهو جزء من المجمع الروسي بالقدس. وكان قد بني في القرن 19 للروس بواسطة الأمير سيرجي ابن القيصر الكسندر الثاني.)...
ليس من باب الاستئناس نضحك،...
بل هو ضحك الوقت الراهن...,
الذي بدل الأدوار بين بكاء الحزن..,
وضحك القهر،...
وبينهما مشاعر، وأفكار شتى..