|
إعداد: محمد المنيف :
حينما نستعرض أو نتحدث أو نشير إلى أفراد أو جهات داعمة للفن التشكيلي فإننا بذلك نؤكد ما يحظى به هذا الفن من اهتمام على مختلف المستويات الرسمية التي تمثلها المؤسسات الحكومية ومنها وزارة الثقافة والإعلام أو الخاصة والمتمثلة في مؤسسات أو شركات القطاع الخاص أو المقتنين من الأفراد وهذا بالطبع يمنح التشكيليين السعوديين شعوراً ومكانة من بين أقرانهم من الفنانين في الدول الأخرى القريبة منا أو البعيدة على المستوى العالمي التي تتردد أخبار اقتناء أعمالهم على مسامع وعيون المتابعين، إضافة إلى أن في مثل هذا التوجه من المؤسسات إن كان من جهات رسمية أو قطاع خاص أو أفراد يمثل نقلة حضارية تتوازى مع ما تعيشه بلادنا من مظاهر الحضارة المعاصرة والحديثة في مختلف المجالات ومنها ثقافة الفرد ورقي ذائقته لمختلف روافد الثقافة ومنها الفنون التشكيلية، فأصبحت اللوحة جزءاً من هذا التنوع والتحرك والاهتمام، وبدأت تأخذ مواقعها في المنشآت والأبراج حينما توضع في كل حائط من مكاتبها لوحة تضيف وتضفي جمالاً على جمال تلك المكاتب وتصبح دليلاً حاضراً على رقي من يعمل فيها أو يديرها. هذا التعامل مع الفن التشكيلي كشف ما أصبحنا عليه من وعي بأهمية اللوحة أو القطعة النحتية كإرث حضاري وثقافي وكجزء من المحيط الذي يتنافس فيه أصحابه على مستوى الذائقة.
واليوم لنا وقفتان إحداهما مع شركة سعودية أولت الفن التشكيلي اهتمامها واحتضنت إبداعات فنانيه وخبر عن المنتدى العالمي للفنون المنبثق من معرض «أرت دبي» الذي يواصل الأستاذ إبراهيم أسران المستشار الإعلامي للمعرض مد الصفحة بأخبار المعرض ضمن التعاون المستمر للمرة الثالثة التي يستضيف فيها المعرض جريدة الجزيرة ممثلة في المحرر التشكيلي.
المتحف التشكيلي النموذج
عندما أشرنا في موضوع سابق عن النقلة التي تحققت للفن التشكيلي بالمشاركة في بينالي البندقية العالمي للفنون ابتداء من الدورة الرابعة والخمسين التي ستقام خلال العام المقبل 2011م، من خلال دعم ثلاث مؤسسات ساهمت بالأخذ بهذا الفن إلى العالمية ودعمه بكل ما يحقق له النجاح وذلك بعد أن تمت الموافقة السامية ومنها وزارة الثقافة والإعلام وشركة السعودية للأبحاث والتسويق الهيئة العليا للاستثمار شركة أرامكو السعودية. وإذا كنا نعلم ما تقوم به شركة ارامكو من دعم للثقافة ومنها الفنون التشكيلية التي تحظى بالكثير من الأنشطة في هذا المجال وكان أقربها معرض أرامكو للفنون التشكيلية 31 والذي أقيم ضمن فعالياته أول سمبوزيوم نحت شارك به نخبة من التشكيليين السعوديين والعرب، فقد دفعنا الفضول لمعرفة الجانب الآخر من هذه الشركات، وهي الشركة السعودية للأبحاث والتي سعدنا بما شاهدناه في مقرها من أعمال لنخبة من التشكيليين حيث تحولت مكاتبها والممرات الرابطة بينها إلى متحف نموذجي للفن السعودي سعدنا بالجولة فيه والتقاط ما أمكن من الصور تضمن أعمال لرواد الفن السعودي من مختلف الأجيال يتقدمهم الراحلان التشكيلي محمد السليم ورفيق دربه في الريادة الفنان عبد الحليم رضوي والفنان عبد الله الشيخ وطه صبان وفهد الحجيلان ومحمد العجلان وغيرهم بتنوع أكد الانتقاء الدقيق والمستوى العالي من التجارب قام على اختيارها خبراء وضعوا في الاعتبار قيمة العمل الفني وتجربة الفنان وتاريخه جمعوا فيها بين دعم الفنان السعودي وبين المستوى الفني للأعمال مع ما تبع ذلك من أعمال في مختلف أساليب الفنون التشكيلية لأسماء عدة ازدان بها مقر الشركة، كما أن الشركة وكما أشار أحد المسئولين فيها تقوم بهذا الدعم للثقافة كرافد لمهامها الإعلامية إن كان عبر ما يتم في متابعة وتغطية المناشط الثقافية بما فيها الفنون التشكيلية او المساهمة فيما ترى أنه يخدم الوطن ومنها دعم الشركة الإعلامي واللوجستي لمشاركة المملكة في بينالي البندقية.
مثل هذا الحضور للوحة السعودية وفي حضن مؤسسات الوطن وشركاته يمنح الفنان الفخر والاعتزاز وينقل للآخر أي كانت جنسيته عند عمله في هذه الشركة او تلك المؤسسة مشهداً هاماً يؤكد أن كل المسارات التي يبنى من خلالها الإنسان وحضارته في هذا الوطن متوازية الخطى ومتكاملة في لحمتها كما أن في مثل هذا الاهتمام من مثل هذه القطاعات وعلى هذا القدر من الاختيار يرفع من مستوى الساحة التشكيلية ويضع قطارها على مساره بعيداً عن العشوائية التي تعيشها كثير من المعارض التي أصبح إناء لخليط لا يمكن فرز الصالح فيه من عكسه، هذا التوجه يجعل الفنان يعيد كثيراً من التفكير في تجاربه وتطوير خبراته، فالمقتني لم يعد ينظر للوحة على أنها سد لفراغ في جدار المنزل أو المكتب بقدر ما تعني عنواناً للمبدع وللمقتني ومستوى وعيه بأبعاد اللوحة أو المنحوتة فكراً وإبداعاً وخبرات.
منتدى الفن العالمي الخامس
من جانبها قالت أنتونيا كارفر، مدير عام (آرت دبي) وعضو لجنة القيِّمين المشرفة على (منتدى الفن العالمي): الذي تقدِّمه هذا العام (هيئة دبي للثقافة والفنون) (دبي للثقافة)، عبر شراكة مع متحف الفن العربي الحديث (متحف) في الدوحة، و(هيئة أبوظبي للثقافة والتراث)، ووزارة الثقافة والإعلام بمملكة البحرين «بات أحد أهمّ معالم معرض آرت دبي، إذ يترقبه المهتمون والمتابعون في أنحاء المنطقة. فمن خلال تعاوننا وتنسيقنا مع نخبة من الشركاء في أنحاء المنطقة، يمكننا أن نجمع بين أقطاب الحركة الفنية والإبداعية من جهة والمتذوقين والمتابعين أعمالهم من جهة ثانية في حوارية معمَّقة وموسَّعة تسهم في إثراء تجربة ومعرفة الطرفين. ويسرُّنا أن يكون المنتدى في دورته الخامسة ثمرة شراكة إقليمية وثيقة، وأن يشهد مشاركة فعالة من الخبراء الإقليميين والدوليين الذين يمثلون الحركة الفنية وصناعة الموضة، كما يسرُّنا أن يشارك في منتدى هذا العام، وللمرة الأولى، متحدثون من بلدان الخليج».
حيث يتناول المشاركون في أعمال المنتدى والمنبثق عن معرض (آرت دبي 2011)، والذي يمثل الملتقى الأول للحوار الثقافي والمعرفي والإبداعي بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا، العديدَ من المحاور التي تدمج وتمازج بين المشهد الفني والإبداعي الإقليمي والعالمي. ويشرف على المنتدى في دورته الخامسة لجنة من القيِّمين الدوليين والإقليميين على رأسها الفنان العالمي شمون بسار، فيما تضمُّ في عضويتها كلاً من تيرداد زولغادر وأنتونيا كارفر وكلوديا سيليني. ومن أهمِّ محاور المنتدى هذا العام تغيُّر جمهور الأعمال الفنية والإبداعية، كما تتناول الجلسات الحوارية والنقاشية وحلقات العمل عدداً من المسائل ذات الصلة، مثل التواصل والتفاعل بين صناعة الموضة العالمية والحركة الفنية، وكيف ينظر الفنانون والمبدعون إلى دورهم في مواجهة جمهور متغيِّر.
الجدير بالذكر أن أعمال المنتدى ستنطلق في 14 مارس في (متحف الفن العربي الحديث) الذي دُشِّن بالعاصمة القطرية الدوحة مؤخراً. ويشرف على هذا الجانب من أعمال المنتدى لجنة المنتدى، ووسان الخضيري، مدير (متحف الفن العربي الحديث) وميشيل ديزمبر، مديرة التعليم في المتحف. وستشتمل محاور المنتدى في الدوحة على سُبل استقطاب الجمهور إلى الأعمال الفنية والارتقاء بالذائقة الإبداعية،، بعد ذلك سيشدُّ المنتدى رحاله إلى دبي حيث يستضيفه (آرت دبي 2011) في الفترة 18-16 مارس. ويسبر المشاركون في أعمال المنتدى بدبي، المقامة تحت عنوان «الإبهار: التقاء الفن بصناعة الموضة»، تلك العلاقة التي تطوَّرت بين صناعة الموضة وعشاق الفن خلال العقود القليلة الماضية، بما في ذلك دور المجلات التي تقمَّصت دور وسيط الأعمال الفنية وكذلك أخذ نخبة من دور الموضة العالمية العريقة بزمام المبادرة في رعاية الأعمال الفنية المعاصرة. ثم تدور لقاءات وحوارات المنتدى حول محور آخر تحت عنوان «التعال مع خيبة الأمل: الفنانون والجمهور» يتناول سُبل تغيير الفنانين لأدوارهم بما يتلاءم مع الجمهور المتغيِّر.
وفي هذا الصدد، يقول الكاتب والناقد والفنان العالمي شمون بسار: «خلال الأعوام القليلة الماضية، تلاشت الحدود الواضحة الفاصلة بين المعارض الفنية ومعارض البينالي الدولية والمتاحف وغيرها من الفعاليات الإبداعية والفنية. ومن أهم الأسباب وراء ذلك مبادرة عدد المعارض الفنية، في طليعتها آرت دبي، إلى استضافة حوارات ومناقشات فكرية ثرية مفتوحة أمام الجمهور، وأقصد بذلك تحديداً منتدى الفن العالمي الذي يستقطب مشاركة واسعة من الفنانين والمُبدعين والمجالات ذات الصِّلة. إذ يجمع الحدث بين المهتمين والمتابعين من مجالات واهتمامات متباينة ليمثل بوتقة حوارية معرفية ثرية على الصُّعد كافة».
ومن الفعاليات الجديدة هذا العام سلسلة من حلقات العمل المقامة على هامش المنتدى والموجَّهة للفنانين والمُبدعين والقيِّمين والممارسين في أرجاء المنطقة..
كما تنطلق في (منتدى الفن العالمي الخامس) برنامج الزمالة الفنية والإبداعية الذي يرمي إلى التقاء الجيل الجديد من الفنانين والقيِّمين البارزين من أنحاء منطقة الشرق الأوسط بأقرانهم بدولة الإمارات العربية المتحدة. ويتيح برنامج الزمالة لهؤلاء فرصة الاستفادة من (آرت دبي) بكافة أوجهه. ويمثل (منتدى الفن العالمي) ركيزة برنامج الجلسات والمناقشات الثرية والموسَّعة الذي يرعاه (آرت دبي)، ويشمل سلسلة مناقشات عن فنّ اقتناء الأعمال الفنية والإبداعية ورعايتها، و(آرت بارك)، الحدث المُقام بالتعاون (بدون) والمنصبّ نحو الأعمال الإبداعية الفيلمية والفيديوية، والنسخة الثانية من فعالية (الفكرة الكبرى) التي لقيت اهتماماً واسعاً من قبل وتشهد مشاركة عشرة مصمِّمين وفنانين واعدين من دولة الإمارات العربية المتحدة يقدِّمون خلالها أفكارهم ومشاريعهم الداعمة لمستقبل المشهد الثقافي والإبداعي والمعرفي في بلدان الخليج.
monif@hotmail.com