Wednesday  09/02/2011/2011 Issue 14013

الاربعاء 06 ربيع الأول 1432  العدد  14013

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

الشؤون القيادية الهامة، الاقتصادية منها والتربوية والتعليمية وتخطيط وتنفيذ المشاريع والمشاركة في ترتيب الثروات الوطنية، كلها أو أغلبها تدار في البلاد العربية من قبل العقليات القديمة، وبطريقة التشبث بكامل المسؤوليات والمرجعيات حتى النهاية البيولوجية المحتومة، أو بطريقة الإنهاء بالتمرد العنيف. محاولات التعبير السلمي عن الرغبة في الإشراك المبكر للأجيال الجديدة في التخطيط وتحديد الأولويات وتوزيع المسؤوليات غير واردة في المعادلة العربية وأغلب الدول الإسلامية، لأن ذلك يعتبر تراثيا من أفعال العقوق والخروج على السياق السائد منذ قرون خلت وبادت. الانصياع التام هو ما يطلبه القديم من الجديد ويؤكد عليه باستمرار، مع أن التعبير السلمي عن الرغبة في وجوب المشاركة واستحقاقاتها أفضل كثيرا من الاحتجاجات الصاخبة التي قد تؤدي إلى الخراب.

طبائع الأشياء تقضي بانتهاء وصاية الماضي على المستقبل بانتهاء مسؤوليات الماضي في التمكين المهني والأخلاقي والدفاعي للمستقبل، وذلك يتطلب الإعداد المبكر والتدرج المنطقي المنظم حتى يتم تبادل الأدوار. عندما تصل سكة الحياة إلى المدى الذي يصبح فيه الجديد أقوى وأقدر على مواجهة متطلبات الحياة، عندها يتوقع تسليم المسؤولية من جيل إلى جيل مناولة وبمنتهى الهدوء. في مرحلة ما يتوجب على جيل المستقبل أن يبدأ في تسديد الدين الذي في عنقه لجيل الماضي وللحياة، بعد أن تكتمل مدة إعداده لذلك. السر الكبير في استمرار الحياة هو الخضوع لتكوينها على شكل حلقات من أجيال مترابطة ومتتالية، وليس على شكل قضيب صلب تكبو المسيرة الحياتية عند نهايته ثم تحاول النهوض من جديد. المتوقع عندما تمتد مسيرة المجتمعات لفترات كافية وفق هذا التسلسل أن يؤدي التجديد المتتابع إلى ظهور أجيال أكثر مهارات وقدرات على التعامل مع تحديات الاحتكاك بالحضارات الأخرى.

لكننا في العالم العربي خصوصا، وفي العالم الإسلامي عموما نعيش في مجتمعات ماضوية (رأسها بالكامل في الماضي وجسدها بالكامل في العصر الاستهلاكي الحديث)، تعتقد أن الأمور لا يمكن أن تسير جيدا إلا وفق ما نقله السلف إلى الخلف، وإلا. موضوع التبادل المنطقي المسئول للمهمات من جيل إلى الذي يليه ومن مفاهيم ومهارات قديمة إلى جديدة قد يتعثر لواحد من سببين أو كليهما.

السبب الأول يكمن في رفض القديم المتشبث بالماضوية أن يتفهم طبائع الأشياء، وفي الاستمرار في فرض مفاهيمه، التي ما هي في الحقيقة سوى ترجمة لمصالحه المباشرة، في تسيير الأمور. السبب الثاني هو إخفاق القديم الماضوي في أهم واجباته، أي في تهيئة الجيل الجديد لأن يكون على مستوى المسؤولية حين تصل إليه. الأسوأ من كل ذلك يحصل حين يجتمع السببان فيتكون جيل جديد مجرد كائن طفيلي يعيش على ما يتفضل به آباؤه الأولون. تتجمع في دواخل مثل هذا الجيل كل الإحباطات المكبوتة الممكنة، والويل عندئذ لمجتمع تتفجر فيه إحباطات الشباب دون سابق إنذار وبصورة غير متوقعة.



 

إلى الأمام
الانتقال المنطقي من الماضي إلى المستقبل
د. جاسر عبد الله الحربش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة