المنصب وفق نظامه وقواعده خطوة نجاح وتوفيق، ويحدث أن صاحبه يتعلق به كما لو كان هواء وماء.
وأكبر ما يواجه صاحب المنصب حين يعفى أو يحال إلى التقاعد صدمة وكأنه قد فقد رأسه، وكل يبحث عما ينقصه أو ما يتوهم نقصه.
إن المنصب يمكن صاحبه من تقديم خدمة لمجتمعه، كما أن له وجاهة غير مكروهة، على أن لا ينال من الذات والثقة بها، وربما أن بعد المنصب منصبا آخر يُحسبُ من عصامية الرجل وقدرته، فالمدير العام مثلا مؤهل بالخبرة والتجربة أن يعمل في عمل آخر كمعلم أو شبيه له، وإن تمكن من إنشاء المدرسة فذلك قمة النجاح، فمنها العائد المادي، وفيها فرصة عمل هو في حاجة إليها.
إن أفضل ما يحرر الإنسان التخلص من كل الرواسب التي تحدث حين يترك المنصب وينسى أن الحياة فيها من السعة ورحابة الفرص ما يمكن من أعفي من منصبه، أو أحيل إلى التقاعد أن يجول بين فرص متعددة فيختار منها ما يناسب قدرته، وما اكتسب من خبرة وتجربة، وهل الإشارة إلى أمر مهم يعامد على رجل كهذا بأن يحيط نفسه بالأمن والسلام بعيداً عن المتاعب النفسية والقلق والحسرة، وأن لا يفقد الرؤية الصائبة في متاهات من وهم وقصور نظر، أو أن يتعلق بماض يجدد نفسه بما هو أحسن إن شاء الله.
إن الرجل السوي ينتصر بعقله على ظروف الحياة ومفاجآتها وحتى ترديها، فالإنسان بذاته وإرادته هو أقوى من كل مكتسب في هذه الحياة على أن يتلمس نقاط القوة في نفسه، ونقاط الضعف ويوازن بينهما.
إن الندم أو التفاعل مع فرصة أتيحت ثم انتهى مفعولها لأمر يحسب على العقل في قدرته وبصيرة الرجل، فكل ما في الحياة قدر وذو أقدار وبأقدار وفق المشيئة الربانية، ومن المؤكد أن الخيرة فيما يختار الله ويشاء تقديره.
والله الموفق