من أقوى الآلام النفسية وقعاً على نفسية الزوجة عندما تجد نفسها بين عشية وضحاها خالية الوفاض بعد حياة زوجية قد دامت لسنوات طويلة!وذلك عندما يقع عليها الطلاق لأسباب عديدة لكنها لاتملك حينها أي حق في البقاء في سكن الزوجية الذي عاشت بين جدرانه أغلب سنوات حياتها، ولاتملك حينها القدرة في الرفض والمقاومة عندما يتم طردها في أوقات حرجة ! ولاتستطيع أيضاً الوقوف أمام مطلقها للدفاع عن حقها كأم في حضانة أطفالها الصغار، وقد يتطور الأمر لدى كثير من المطلقات اللاتي سلبت إرادتهن لوقوعهن تحت التهديد بالحرمان من أطفالهن في عدم استطاعتهن وقتها بالحصول على ممتلكاتهن الشخصية كمثال « ملابسهن، أو أوراقهن الثبوتية، أوشهاداتهن العلمية « وذلك لمطالبة المطلق لها بالتنازل عن حقوقها المالية خوفاً من المطالبة بها مستقبلاً ! وغيرها من المواقف المؤلمة التي تتعرض لها بعض المطلقات عندما يصاحب الطلاق أيضاً عنف جسدي سابق، أو يكون نتيجة لأنواع مختلفة من العنف من أبسط صورة التنازل منذ بداية حياتهن الزوجية، وكأن مايقع عليهن من عنف حق مشروع لأزواج لايخافون الله ولا يتقونه في نسائهم ! وبالرغم من الطرح المستمر لقضية الطلاق وهموم المطلقات إعلامياً واجتماعياً، وإنشاء جمعية مودة للمطلقات كأول جمعية يشهد لها بالاهتمام بشؤون المطلقات ببرامجها المختلفة كمثال لذلك ( برنامج مودة الإيوائي ستر للمحتاجات منهن للسكن المؤقت، وبرنامج مودة تمكين الخاص بتنمية مهارات المطلقات وأبنائهن للعيش بكرامة، وبرنامج مودة مشورة الخاص بتقديم المشورات المختلفة، وبرنامج مودة إنصاف « الذي أعتبره من أهم البرامج لارتباطه بتمكين المطلقة من حقوقها الشرعية في السكن والنفقة والحضانة « خاصة المطلقة ذات الظروف المادية الصعبة، والظروف الأسرية الأصعب عند عودتها لأسرتها ذات الدخل المحدود مما ينتج عنه رفض اجتماعي لطلاقها وعودتها لهم بهموم وأعباء ثقيلة على كاهلهم لايستطيعون تحملها خاصة عندما لاتجد في مخصص الضمان الشهري الذي لايتجاوز « 800 ريال « مايكفي سد حاجتها ! إلا أن كثيرا من النساء المطلقات معنفات ومعاناتهن لاترتبط بالعنف الجسدي الذي تعايشن معه لسنوات طويلة وقررن فجأة بإرادتهن أو رغماً عنهن الانفصال، بل إن معاناتهن ترتبط بتجردهن من حقوقهن الشرعية ببساطة في بلادنا المسلمة التي يستند نظام الحكم فيها على تطبيق الشريعة الإسلامية، وارتبط توقيعنا كبلد مسلم على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق المرأة والطفل على ألا تخالف بنود تلك الاتفاقيات الشريعة الإسلامية ! لكننا مازلنا كجهات حقوقية وقضائية وأمنية واجتماعية نغفل ضرورة التشديد بتطبيق ماجاءت به آيات سورة الطلاق من عدل ورحمة بحال المطلقات عندما نص التوجيه الرباني لنبي هذه الأمة والمؤمنين بالآتي « يأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لاتخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ....الخ الآية 1» إلى غيرها من التوجيهات الربانية التي تحفظ للمطلقة جميع حقوقها الشرعية ولاتجعلها عرضة للمذلة وكشف الحال ! لذلك فإن المسؤولية الملقاة على كاهل جمعية مودة للمطلقات عظيمة عندما تشدّ من أزرها لكي تفرض مطالبها على تلك الجهات بتنفيذ شرع الله سبحانه وتعالى للمطلقات اللاتي أكرمهن بسورة خاصة بهن في كتابه الكريم، لكن الحقيقة المؤلمة والمسكوت عنها بأن كثيرا من تلك الجهات غافلة عن تطبيقها !لذلك لابد أن تطالب الجمعية وزارة العدل بإصدار بيان رسمي يتم الالتزام به بعدم طرد المطلقات من بيوتهن ومن يخالف ذلك يتعرض للعقوبة المشددة من أجل تأمين الحياة الكريمة لهن ولأطفالهن، حتى يكتب الله لهن مخرجاً مناسباً لظروفهن بعد الطلاق.