|
الرباط - واس
بدأت في العاصمة المغربية الرباط أمس أعمال الدورة الحادية عشرة لاجتماعات اللجنة السعودية المغربية المشتركة للتعاون الثنائي على المستوى الوزاري برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية ومعالي وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي الطيب الفاسي الفهري.
وألقى صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية كلمة في بداية الاجتماع أعرب في مستهلها باسمه ونيابة عن أعضاء الجانب السعودي عن الشكر الجزيل للشعب المغربي على حسن الاستقبال وكرم الضيافة خلال أعمال الدورة الحادية عشرة للجنة السعودية المغربية المشتركة.
وقال سموه: (إن استمرار عقد هذه اللجنة، وبمشاركة القطاع الخاص في البلدين يشكل دلالة واضحة على عمق ومتانة العلاقات بين بلدينا وشعبينا الشقيقين، ويمثل ترسيخاً للنهج الذي اعتمده قائدا مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وأخوه جلالة الملك محمد السادس، وسعيهما نحو تكريس التعاون المشترك، والدفع به لآفاق أرحب في كافة المجالات بما يلبي طموحات وتطلعات شعبينا ويخدم مصالح أمتنا العربية والإسلامية).
وأضاف (تنعقد أعمال هذه الدورة وما زال عالمنا يعاني من تبعات الأزمة الاقتصادية التي ألقت بظلالها على أسس ومرتكزات النظام الاقتصادي العالمي، وفي سياق الجهود المبذولة للخروج من هذه الأزمة، وفي إطار مشاركة المملكة في اجتماعات مجموعة العشرين، فقد حرصت بلادي على التأكيد بضرورة دعم الدول الأقل نمواً، ومساعدتها على مواجهة تبعات هذه الأزمة، وعلى أهمية أن يأخذ النمو الاقتصادي شكلاً يتسم بالقوة والتوازن والاستدامة، وإزالة العقبات التي تواجه التجارة الدولية).
ومضى سموه يقول: (إنه إذا كانت العولمة قد أخذت على عاتقها تحرير التجارة الدولية، وتيسير انتقال رؤوس الأموال بهدف فتح آفاق واسعة للنماء الاقتصادي، سعياً لخلق الفرص الوظيفية ورفع مستوى المعيشة للشعوب، فإننا نجد عالمنا العربي - للأسف الشديد - مازال عاجزا عن بلوغ الاستغلال الأمثل لما حباه الله من موارد، والاستفادة من مسار الانفتاح الاقتصادي الدولي، وما زالت دولنا العربية عاجزة حتى الآن عن تنفيذ متطلبات منطقة التجارة الحرة، وليس هنالك اتحاد جمركي فعال، مما أضاع علينا العديد من الفرص التنموية، وليس مستغرباً بقاء معدلات التجارة العربية البينية بنسبة لا تتجاوز %12 من إجمالي التجارة، بينما تصل تلك المعدلات إلى نحو %63 في دول الاتحاد الأوروبي.
وبين سمووزير الخارجية أن القطاع الخاص يشكل حجر الزاوية في عملية التنمية مشيراً إلى أنه من هذا المنطلق تم السعي في هذه الدورة من أجل أن تكون رؤية رجال وسيدات الأعمال في البلدين المحور الرئيس لتطوير التجارة والاستثمار بين البلدين.
وقال: (إن الإمكانات المتاحة لدينا كبيرة جدًا، كما أن الفرص الاستثمارية واعدة، ولابد من السعي الجاد لتوفير الأرضيات والمناخ المناسب للقطاع الخاص لاستغلالها بالشكل المأمول، لنتمكن من خلق فرص وظيفية أكبر لشبابنا ورفع المستوى المعيشي لرفاه شعبينا).
وأفاد سموه أن التبادل التجاري بين البلدين شهد تطوراً في السنوات الماضية، حيث بلغ ما يوازي تسعة مليارات ريال في العام 2008م، ولكنه انخفض إلى خمسة مليارات ريال في العام 2009م. معرباً سموه عن أمله ألا يكون مرد هذا الانخفاض وجود عراقيل أو قيود تعيق التجارة بين البلدين، متطلعاً أن يشكل هذا الاجتماع فرصة لتبادل الرأي حول أبرز العوائق التي تعترض مسيرة التبادل التجاري والاستثماري، والمقترحات الناجعة لتذليلها.
وقال سموه: (ولعلي في هذا الصدد أتقدم بمقترح عقد اجتماعات دورية نصف سنوية لرئيسي اللجنة التحضيرية ومجلس رجال الأعمال السعودي المغربي لمتابعة تنفيذ التوصيات ورفع تقارير عن سير التنفيذ لرئيسي اللجنة المشتركة بالإضافة إلى متابعة تنفيذ الاتفاقيات الثنائية ومذكرات التفاهم التي تم التوقيع عليها أو التي يجري التباحث بشأنها. كما أدعو رجال الأعمال إلى الاستفادة قدر الإمكان من نشاطات برنامج الصادرات التابع للصندوق السعودي للتنمية، خاصة في ظل المشاركة الفعالة للصندوق في أعمال هذه اللجنة في تنفيذ العديد من المشاريع التنموية في المملكة المغربية البالغ كلفتها (1558) مليون ريال، كان آخرها مشروع بناء وتجهيز مجموعة من المدارس الإعدادية بتكلفة إجمالية بلغت (75) مليون ريال.
ونوه سموه بهذه المناسبة بالعلاقات السياسية المتميزة بين المملكة والمغرب، التي تتسم بالانسجام في المواقف، والتطابق في الرؤى، والتنسيق والتشاور المتواصل على كافة المستويات، في كل ما من شأنه خدمة العلاقات الثنائية والقضايا العربية والإسلامية، وتحقيق الأمن والاستقرار في أوطاننا، والازدهار والنماء لشعوبنا، علاوة على خدمة الأمن والسلم الدوليين.
وشكر سموه في ختام كلمته معالي وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي وأعضاء اللجنة التحضيرية ورجال الأعمال على الجهود التي بذلوها في الإعداد الجيد لأعمال هذه الدورة وحرصهم على بحث كل ما من شأنه تعزيز التعاون بين البلدين الشقيقين في كافة المجالات، سعياً لإزالة أية عقبات تعترض مسيرة هذا التعاون للوصول إلى نتائج مثمرة لخدمة المصالح المشتركة للبلدين.
كما ألقى معالي وزير الشئون الخارجية والتعاون المغربي كلمة أوضح فيها أنه بقدر ما تشكل هذه الدورة فرصة لإعطاء الشراكة المغربية السعودية دينامية حقيقية فإنها تعد الإطار الأمثل للتشاور حول الأوضاع الإقليمية وعلى رأسها القضية الفلسطينية في ظل المأزق التفاوضي الناجم عن الموقف المتصلب للحكومة الإسرائيلية.
وجدد معالي الوزير الطيب الفاسي الفهري في هذا الصدد موقف المملكة المغربية الداعم للشعب الفلسطيني الشقيق وحقه في إقامة دولته المستقلة القابلة للحياة، وعاصمتها القدس الشرقية، تنفيذاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
وتحدث الوزير المغربي في كلمته عما تشهده المنطقة العربية من أوضاع ومتغيرات دقيقة وحساسة وقال: (إن الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لصون المصالح العربية العليا والحفاظ على الوحدة الترابية للدول العربية وتثبيت استقرارها وأمنها واحترام سيادتها واستقلاليتها ورفع تحدياتها الكبرى بعيداً عن كل أشكال التدخل في شأنها الداخلي أو محاولات التشويش والإساءة لها تحت تأثير نزعات الهيمنة والاستفراد.