زواج الفتيات الصغيرات برجال متقدمين في العمر هو واقع مؤلم جدا من خلال نتائجه المؤلمة، وهو ليس بالجديد على مجتمعنا وكذلك على باقي المجتمعات العربية والإسلامية، والحكم على جميع حالات زواج المتقدمين في العمر بالصغيرات بحكم واحد لا شك أنه غير صحيح أبداً، لأن لكل زواج ظروفه ودواعيه، غير أن دواعي ومسببات كثير من حالات زواج صغيرات السن (الأبكار) تحديدا من رجال متقدمين بالعمر هو البحث عن المال ويرجع ذلك إلى زيادة وتيرة الركض خلف الدنيا وتحديدا خلف الكسب المادي الذي ألغى بكل أسف جماليات كثيرة من حياتنا، وهذا الطمع المادي يأتي من الفتيات أنفسهن ومن أولياء أمورهن فمن الفتيات (الأبكار) من تقبل بالزواج من كبير سن طمعا في ماله فهي على ثقة أنها ستعيش في حياة منعمة مرفهة فكل شيء متحقق لها وهو على قيد الحياة، وعلى أمل كبير جدا بأن ترثه بعد موته، وتقارن حالها لو أخذت شابا لا بيت له ولا مال فستعيش معيشة دون معيشتها هذه، وشعارها - إن صح التعبير - (متقدم في العمر غني خير من شاب فقير)!!، والحقيقة أن هذه الفتاة المقدمة على الزواج بهذه النية وهذا الشعار في رأيي - قد خسرت الرهان فالمال يأتي بينما المستقبل والمشاعر والأحاسيس والتقارب النفسي والانسجام الروحي وتكافؤ القدرات والرغبات الجنسية والجسدية والجمالية في جميع مراحل العمر لا يمكن أن تتأتىَ أبدا مع رجل بينها وبينه ضعف عمرها أو يزيد!!، بل إنها أيضا - إن صح التعبير - ستتلقف ما يصاحب تقدم العمر عادة من وهن ومرض وتكدر مزاج !!، وإن كان في الماضي إشباع الرغبات الجنسية والعاطفية والجسدية بالطرق الشرعية مطلبا فهو في زمننا هذا مطلب وضرورة ملحة جدا، فياليت شعري عندما ترغب وتشتاق فتاة (بكر) اقترنت برجل متقدم في العمر في أن يلاعبها ويداعبها فهل سيستجيب لها وهو يعاني ما يعاني من تقدم العمر، وإن استجاب لها فمن المؤكد أنه لن يكون بمستوى ما ستجده من شاب يافع ممتلئ شباباً وحيوية، وفي هذه الحال يصدق قول أمير الشعراء أحمد شوقي حين قال - رحمه الله تعالى!!.
ما زوّجت تلك الفتاة وإنما
بيع الصبا والحسن بالدينار
هناك فتيات صغيرات تزوجن من شباب لكنهن صدمن بل تحطمن من ذلك الزواج لأنهن وقعن في مصيبة الزوج المدمن والزوج الخائن والزوج المريض النفسي مما أوصلهن إلى أن تنال الواحدة منهن لقب مطلقة بكل أسف تعيّر به تصريحا وتلميحا، فنجدها قد خرجت من تلك التجربة بشعار (لا ثقة في الشباب بل الثقة في رجل تقدم في عمره وكمل عقله) ومن هنا جاء قبولها بالزواج برجل يكبرها في العمر بسنوات كثيرة، هذه النوعية من الفتيات - في رأيي - لا يمكن أن تلام إحداهن وكذلك لا يمكن أن يلام ولي أمرها، فمهما كانت النتائج المترتبة على الزواج من رجل كبير في العمر فلن تصل إلى سوء وفداحة نتائج الزواج من شاب مدمن وخائن وشكاك ونحو ذلك!!. وكذلك ممن لا تلام أبداً على الزواج من رجل تقدم به العمر الفتاة العانس التي عزف عنها الخطاب فتأخر زواجها، فهي أمام أمرين أحلاهما مر!!، إما أن تبقى عانسا طوال عمرها وتُحرم من الزوج والذرية، وإما أن تتزوج برجل متقدم في العمر تعيش في كنفه ولعل الله أن يرزقها بذرية منه!!، فهذه ولا شك لا تلام أبدا. لاشك أن من الحكمة هي وضع الشيء في موضعه، وما نحن بصدده وهو زواج الصغيرات من رجال قد تقدم بهم العمر لا يمكن الحكم عليه إلا بعد معرفة حيثياته ودواعيه، فهو ليس خطأ على إطلاقه، كما أنه ليس صوابا على إطلاقه!!.