عندما تدخل محلات المستلزمات النسائية الخاصة جداً يلفت نظرك أن الشباب العاملين فيها يتميزون بمواصفات شكلية ومهارات في التعامل تختلف عن العاملين في محلات الملابس الجاهزة، أو العطور والأحذية، حيث إن مواصفاتهم توحي لك مباشرة بأنه تم اختيارهم وتأهيلهم للعمل في هذه النوعية من المحلات النسائية اختياراً دقيقاً! ومن أهم هذه المواصفات الفئة العمرية لهم حيث إن أغلبهم من فئة الشباب، ولديهم اهتمام واضح بالشكل الخارجي بشكل مبالغ فيه، ومهارتهم في عرض البضاعة بأساليب مختلفة قد تضع الزبونة في حرج! كما يلاحظ تحملهم القوي لطلب مرتادات المحل بما يساهم في تسهيل بيع البضاعة المعروضة بأسرع وقت ممكن!
وبلاشك فإن هذه المواصفات الشكلية والمهارات المهنية لم تأت من فراغ، بل تكون نتيجة تدريب مسبق على متطلبات هذه المهنة التي لن ينجح فيها أي متقدم عادي للالتحاق بها ! فهذا التدريب الذي يؤهل الشباب للبيع في محلات المستلزمات النسائية مسؤوليته لا تقع على عاتق هؤلاء الشباب المحتاجين للعمل ولمصدر دخل ثابت يشبع احتياجاتهم كغيرهم من الشباب المقبلين على سوق العمل المحلي ؟ ولا تقع مسؤوليته على أصحاب العمل الذين لم يجدوا قوة ضاغطة تلزمهم بتطبيق القرار الوزاري الذي أصدرته وزارة العمل استنادا لقرار مجلس الوزراء في عام 1426هـ وأقرت على أساسه عدد من المتطلبات لابد أن يلتزم بها أصحاب الشركات بتنفيذها خلال عامين من تاريخ القرار! خاصة أن كثيراً من أصحاب القطاع الخاص لا يفضلون عمل المرأة التي قد تعرضهم لخسائر كثيرة على حد قولهم وبالذات المتزوجات منهن، وذلك نتيجة لظروفهن الشخصية التي تختلف عن الرجل الذي لا يضطر لأخذ إجازات مختلفة في أسمائها وأسبابها! لكن الحاجة لإشراك النساء في سوق العمل الخاص بهن أمر لابد منه وما زلنا للأسف بانتظار تطبيقه . خاصة أن حديث الأمينة العامة لجمعية النهضة الأميرة موضي بنت خالد الصريح في ندوة «عمل المرأة عن بعد في جامعة الملك سعود « لامس الواقع المؤلم للفتيات المقبلات على العمل لكن بدون وظائف تناسب قدراتهن وشهاداتهن في ظل مزاحمة مليوني فتاة وافدة لهن في سوق العمل وفي وظائف صحية ومهنية تناسب الفتاة السعودية! وأن الجامعيات يلتحقن بوظائف لا يتجاوز مرتبها الشهري 1500 ريال، وأن الدولة تصرف 16 بليون ريال على المحتاجين! ومنهم بلا شك النساء اللاتي أصبحن مسؤولات عن أسر بكاملها في ظل غياب العائل لها! لذلك فإن المسؤولية تقع كاملة على الجهة المخولة بالتطبيق ألا وهي وزارة العمل، وخاصة عندما تقوم بعقد شراكة للتطبيق والمتابعة والتقييم للجمعيات النسائية ذات الخبرات المتعددة في هذا المجال، ولدينا أنجح نموذج لذلك وهي» جمعية النهضة النسائية الخيرية « على مستوى منطقة الرياض، وغيرها من الجمعيات الأخرى على مستوى المناطق الأخرى .
لذلك ما زال حديث الساعة هو» انتظار قوة ومبادرة وزير العمل الملامس للواقع الميداني والتجاري للمرأة عن قرب «هو التطبيق « وعدم فتح المجال للاعتراضات الشعبية التي لا تهدف الى تحقيق أي مصلحة للمرأة المحتاجة بقدر التأثر والتشبث بتخيلات وأوهام تمس الجانب السلوكي والأمني للنساء! وإن كان هذا حقيقة هل يرضون بوجود الباعة الشباب بين نسائهم في محلاتهن الخاصة ؟ وهل يتقبلون أن تظل إحدى نسائهم تبحث عن مقاسها للمناطق الحساسة بجسدها بمساعدة بائع شاب ؟ وفي الوقت نفسه يتقبلون وجود الفتيات المحتاجات لسقف يحميهن يفترشن الأرض في الأسواق الشعبية وأغلب من يتعامل معهن العامة من الرجال ؟!