لكبار السن في الإسلام العناية والتقدير والإجلال والاحترام الواجب على الصغار، وفي السنة النبوية العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تدعو إلى تقدير الكبير، وإجلال ذي الشيبة، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا)، وفي حديث آخر في البخاري عن أبي موسى - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم).
وفي مجتمعنا - ولله الحمد - نرى أثراً طيباً لما في شريعتنا الإسلامية من تعليمات، ومن أعرافنا وتقاليدنا الاجتماعية الحميدة في إجلال ذي الشيبة وتقديرهم بدءاً بالاحتفاء بهم ومصافحتهم وتقبيل رؤوسهم كعادة اجتماعية تظهر مكنون التقدير للشخص الكبير، وإعطائهم الأولوية في المجالس، وتصدرها، وعدم التقدم عليهم في سائر الأمور، وإذا كان هذا التقدير سمة من سمات مجتمعاتنا الإسلامية بوجه عام وفي مجتمعنا داخل هذه البلاد بوجه خاص فإن هناك مظاهر سلوكية خاطئة تخالف هذه القاعدة الأصيلة والحميدة في تقدير الكبير، وإجلال ذي الشيبة بالذات، تلاحظها عند البعض من عدم المبالاة بكبار السن في المجالس والطرقات والأعمال.
ولقد لفت انتباهي في مجلس فيه ممن يحسب بعضهم من طلبة العلم مع الأسف من تصدر المجلس (وروبع) فيه مع وجود من هو أكبر منه سناً وعلماً وقدراً، وقلت: سبحانه الله، أين أثر العلم الشرعي في هؤلاء وسلوكياتهم!؟ وأين هم من سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وقول أهل العلم في توضيحهم لحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم لهذا الأمر!؟ فقد عد بعض أهل العلم قول الرسول صلى الله عليه وسلم ب (ليس منا) بأنها تحريم لهذا العمل، وهو عدم توقير الكبير ومعرفة حقه، وعدها بعض أهل العلم كبيرة كابن مفلح في كتابه الآداب الشرعية.
لقد تعودنا من مجتمعنا، وتعلمنا من ديننا، أن نحترم الكبير، فلا تقدم عليه في المسير، وعند الدخول ننتظره حتى يدخل المكان ثم نتبعه، وكل يعرف ترتيبه في المجلس بحسب السن، ولكن هذه الخصل والآداب الحميدة بدأنا نرى من يخالفها، فلا يوقر كبيراً عند رؤيته، ويصافحه كأنه يصافح أحداً من أسنانه وأقرانه، ولا ينزله منزلته، وقد يتقدم في الخطى عليه، ويعطيه ظهره، ويسبقه إلى صدارة المجلس، وإذا ما بدأ الحديث في المجلس كان له الصولة والجولة حديثاً وتعقيباً وكأنه لا يوجد من هو أسن منه وأعلم منه!!
إن المجالس العائلية حينما يشذ أحد أفرادها في سلوك خاطئ بحق كبير في السن عمداً أو جهلاً أو نسياناً فإنه ينبغي أن ينبه إلى ذلك، ويرشد إلى السلوك الصحيح، ولكن الطامة الكبرى حينما يكون هناك مجالس عامة، ويصدر الخطأ من أناس يفترض فيهم العلم والمعرفة، ولكن هذا العلم والمعرفة لا ينعكس على سلوكياتهم وأخلاقياتهم وتعاملهم مع الناس التعامل الطيب، فإنا لله وإنا إليه راجعون.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).. وختاماً أقول: إن البيئة التي تربى عليها الفرد وما اكتسبه منها من سلوكيات وأخلاقيات تنعكس أيضاً على تصرفاته وربما ينتقل إلى أبنائه وأحفاده.. نسأل الله السلامة والعافية.
alomari 1420 @ yahoo. com