من المؤكد أن لا أحد بمقدوره الاعتراض أو الوقوف في وجه أي مطلب شعبي مشروع يستند على مرتكزات منطقية معتمدة على الحقوق التي يجب أن يتمتع بها الإنسان.
لهذا لا أحد يمكن أن يعترض على ما يجري في أكثر من مكان في الدول العربية وإيران، هذا إن لم يكن متعاطفاً أصلاً مع بعض هذه التحركات والانتفاضات التي اندلعت بعد أن طاف الكيل عند الشعوب بعد أن تمادت الأنظمة في خنق الحريات والتضييق على الشعوب حتى في معيشتها التي نهب الفاسدون قدراتها الاقتصادية ومواردها الأساسية، فحولت النسب الكبرى منها إلى طبقات فقيرة محتاجة.
لهذا فإن كثيراً من التحركات الشعبية التي تسعى للإصلاح قبل كل شيء ليس بإمكاننا الحكم عليها بأنها ظاهرة سلبية، وأنها تمس مصلحة الوطن. هذا إن لم نتعاطف معها خصوصاً لو سارت الاحتجاجات والمسيرات بشكل هادئ وسلمي، وانتهت بعد إيصال الرسائل التي يريدون إبلاغها. وأن يتم كل ذلك وفق بقائه داخل الإطار الوطني العام وتمسكه بثوابت أساسية من أهمها أمن الوطن وسلامته وعدم النيل أو التأثير في استقراره.
وفق هذا المفهوم والتزاماً بمبادئ وقيم نؤمن بها، فإن الانصاف يقتضي بنا أن ننظر إلى ما يجري في البحرين من منظار الإنسان المحب والحريص على هذا البلد العربي الذي كان ولا يزال مثالاً طيباً للتجانس والوئام والسلم الأهلي، ومع إيماننا بضرورة الاستماع والتجاوب مع المطالب المشروعة لمن خرج في تظاهرات سلمية وجدت استجابة من قبل القيادة البحرينية من خلال الإعلان بالقبول بالحوار ومناقشة هذه المطالب في مجلسي النواب والشورى.
إذن هناك استجابة وتفهم، ولهذا فإن الواجب يدعونا أن نشكك في التصعيد غير المبرر من بعض القوى في المواجهات التي أدت إلى سقوط ضحايا من أبناء الشعب البحريني، بعد أن حاولت جهات لها ارتباطات بدولة إقليمية لا تخفي طمعها بالبحرين كدولة، وكان على هؤلاء الذين ينفذون تعليمات هذه الدولة الطامعة أن يشاهدوا ما تفعله مع أبناء الشعوب التي تحكمها، وكيف تقمعهم حتى في هذه الأيام في تصديها للمظاهرات السلمية، حتى يستجيبوا لطلبات هذه الدولة الطامعة التي تعد وبشهادة شعوبها دولة يحكمها أسوأ نظام. فكيف يسعى الشرفاء من أهل البحرين بتخريب تجانسهم وما يتمتعون به من سِلم أهلي ويستوردون نظاماً قمعياً عنصرياً طائفياً يبشر له المرتبطون به مصلحياً وانتهازياً.