الشيء المؤكد الذي لا يستطيع أحد إغفاله، أو حتى الاستكانة إليه والتعامل معه كأمر واقع يجب التعايش معه دون أن نحرك ساكناً، هو أن المنطقة العربية تمر بمرحلة تغيير، وأن ثمة تحولا يدهم العالم العربي، وأن الأمر لم يعد مواجهة جماعات من المخربين، أو تنظيم سياسي، أو حتى تشكيلات إجرامية، بل إن الأمر يتطلب قراءة لمجمل التحولات التي شهدها أكثر من قطر عربي، ليس فقط في التغيير الكامل كالذي حصل في تونس، وبدء التغيير المتتابع في مصر، بل في قراءة الانتفاضات والاحتجاجات التي يشهدها أكثر من قطر، والتي يحمل بعضها عناوين سياسية، وأخرى اقتصادية وهو ما يتطلب تعاملاً حصيفاً وحكيماً يؤخذ في المقام الأول التناغم مع المطالب المشروعة للشعوب، والإسراع في إجراء الإصلاحات التي تقوم عمل الأجهزة الحكومية، خاصة ذات العلاقة المباشرة بالمواطنين، وبالذات أجهزة الخدمات، وتلبية الحاجيات الضرورية للسكان، وتوفير الحياة الكريمة في السكن والصحة والغذاء.
فالإسراع في تنفيذ الإصلاحات أفضل من أن يتم بعد ضغط التظاهرات والاحتجاجات التي تفسح المجال أمام المشبوهين والمعادين للدول العربية من خلال استثمار أي بوادر للتذمر والاحتجاج؛ فالقوى الشريرة المعادية للعرب والتي بات من السهل تشخيصها لا تترك مثل هذه الفرص لتحقيق أهدافها وفق أجندات موضوعة سلفاً، وقد لاحظنا: كيف تحاول هذه القوى الشريرة الوصول إلى غاياتها وأهدافها الخبيثة بمختلف الطرق والوسائل غير المشروعة لكي تدق إسفيناً بين أبناء الشعب الواحد، ومثلما تابعنا ما حصل ويحصل في أكثر من بلد عربي أن مثل هذه العناصر هي أساساً كالحرباء؛ حيث تكتسب لون أي مكان أو بيئة تدخلها لتسير توجهات الجماهير خدمة لأجندات ممن زرعوها في المجتمعات العربية. ولهذا، فإن الحكمة والواجب أن يتم إنجازات الإصلاحات الضرورية التي تلبي مطالب الشعوب المشروعة حتى لا يفسح المجال أمام الآخرين لتشكيل بلداننا ومنطقتنا بما يخدم مصالحهم وأطماعهم.
JAZPING: 9999