تتعجب حينما تبدأ يومك الجديد، وتتحرك بسيارتك لمكان عملك فتقف عند إشارة المرور فترى عن يمينك وافدا ثم تحول مسار عنقك فترى هناك وافدا آخر بالمرصاد ينتظر منك أن تنظر إليه، فتعطي الإشارة الضوء الأخضر فتسير قليلاً فإذا بك ترغب في شراء حاجة من أحد المراكز الصغيرة فتقف أمام المحل وتترجل من سيارتك فإذا هناك وافد في استقبالك فتنهي ما أردت ثم تركب سيارتك متوجهاً لأحد المطاعم الكبرى أو الصغرى أو الأصغر من الصغرى فتسير قادماً لبوابة المطعم فإذا هناك وافد بانتظارك لإلقاء التحية عليك (هلوا أو كيفاك).
أنهيت جلستك من المطعم و عبيْت كرشتك وركبت موترك متوجهاً لأحد مراكز قطع الغيار اللي في الصناعية وتجولت وبرمتها برم وكل ما وقفت تتفاوض مع ورشة كان المفاوض وافدا بس أهون شوي من المطعم و البقالة لأن الصناعية فيها (معظم الدول العربية وآسيا) فما تمل على طول يعني: بإمكانك إن كنت فطنا وسريع التعلم أن تلقط كم كلمة من هنا ومن هنا وتكوّن لك كم لغة بالمجان.!
يوم حط الليل ظلامه وسكونه قالت لك أم العيال: ودني الله يخليك السوق قلت لها، أبشري من عيوني وين تبين؟ قالت أبي ولا عليك أمر سوق العويس رخيص وطيب بضاعته زينة، ركبت أنت وياها ونفس المنظر بالليل والنهار على يمينك وافد وعلى شمالك وافد (بعد سياراتهم أحسن من سيارتك) وصلت أنت والغالية للسوق ونزلت تعاين المحلات واحد واحد وكل ما دخلت محل (طلع لكم وافد يفاوضكم) وأنت تتفرج وتعد كم وافد قابلته في رحلة التسوق الداخلية في الشكل والخارجية في المضمون!..
خلصت أنت والحبيبة من السوق وقالت وش رايك نروح نتعشى في واحد من المطاعم الفخمة بالرياض الله يخليك جاوبتها أبشرِي يا عيوني بس عشاء نروح أي مكان تبينه، قالت نبي نروح مطعم بشمال الرياض يقولون (فخم بالمرة وسعره مناسب) رحت أنت ويا الغالية، ويوم وصلت ولبقت السيارة وجيت بتنزل إلا وذاك الأحمر المتهندم مستقبلك ومحييك وفاتح باب المطعم لك وأنت من يد وافد إلى وافد إلين وصلت لمكان الطاولة المخصصة لك.
يوم انتهيت من العشوة الطيبة تذكرت أم العيال وقالت لك يا بو فلان جوالي قديم ويفوت علي مكالمات وأنت مواعدني بجوال وودي به الليلة، قلت لها أبشري يا الغالية يا عيوني من وين تبين نشتري الجوال؟ قالت: من المكان اللي يعجبك، رحت أنت وياها لمجمع الاتصالات وبديت في التجوال من محل لمحل وكل محل يرحب فيك وافد بنفس برنامج الصناعية بس هنا نظيفين ومتطيبين ومتطورين شوي كل حكيهم في البرامج والتقنية بس النتيجة وحدة وهي (أينما تولوا فثم وافد بالمرصاد).
الأمانة تقتضي أن نقول ونطرح الأسئلة التالية لمن يهُمه أمر شباب الوطن:
هل كل وافد نراه نحن بحاجته؟ وهل كل وافد نراه هو كفء لما يقوم به في مهنته؟ وكيف ارتفع عدد العمالة الوافدة في السنين الأخيرة؟ وهل يعجز المواطن الشاب من القيام بتلك المهام؟ وهل فتحنا المجال لمستثمر كان له هدف فتحقق بدليل زيادة العمالة؟ وكيف يخرج الوافد بتأشيرة خروج نهائي ثم يعود في غضون شهور بل أسابيع قليلة وكأنه يقول ما عندكم سالفة؟ وكم عدد الشركات الموجودة وكم نسبة السعوديين العاملين فيها بمهن مناسبة مرضية؟ وهل القرارات التي توجه بها الحكومة من فترة لأخرى عند صدور خطط التنمية تنفذ أم هناك مساحة فارغة بين المرسوم على الورق وبين المترجم على الواقع؟
أما التساؤل العريض الذي حيرني:
هل صدقتم الكذبة الكبرى التي يطلقها أصحاب الشركات والمؤسسات بأن الشاب السعودي لا يناسب العمل في القطاع الخاص بسبب عدم تهيئته مسبقاً؟ وما هي التهيئة التي يطالبون بها؟ هل هي لبس البنطال من نوع جينز لونه أزرق غامق ووضع سوارة على اليد في أسفل المفصل؟ أم ربط الشعر من الخلف ببكلة ؟...
أرجوكم توقفوا عن ترويج هذه الخدعة ولا تقنعوا أنفسكم بها وتقنعوا غيركم.