أن تفرض التقنية الحديثة حضورها -المادي والمعنوي-، على واقع المستوى الرسمي لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهذا دليل وعي، يسهم في رقي المجتمع، وتطوره، وعلو شأنه. كما يعكس مدى الجهد المبذول في مخاطبة الناس، بمختلف فئاتهم - العلمية والعمرية -
بلغة عصرهم، وتسخير تلك التقنيات في خدمة ديننا، وثقافتنا، وثوابتنا، وقيمنا. كونها وسيلة واقعية، بعيدة عن الجمود. -لاسيما- وأننا نعيش عصر الثورة الإعلامية، والمعلوماتية.
ضرورة استخدام التقنية الحديثة في تلك المؤسسات الرسمية، وامتلاك المهارة الفنية لاستخدام الوسيلة، أصبح من لوازم هذا العصر، الذي ازدهرت فيه التكنولوجيا الحديثة؛ من أجل خدمة الدعوة، وإبراز الصورة الناصعة للإسلام. -ولذا- فإن إطلاق الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -قبل أيام-، مشروع « قِيَمُنا « الإعلامي التوعوي، وفق توجيه مجلس الوزراء بالتعاون مع وزارة الثقافة والإعلام؛ لإعداد برامج توجيهية، هو جزء من تحقيق الريادة، والتميز، وبناء وعي مجتمعي، يسهم -بلا شك- في تعزيز قيم الإسلام، ونشره بين أفراد المجتمع، بما يحقق رسالة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ووظيفتها، وذلك من خلال صناعة إعلانية، بأفضل الأساليب الإدارية، والمواصفات الفنية، والتقنيات الحديثة.
كانت باكورة إنتاج التطور التقني في انطلاق المرحلة الأولى من هذا المشروع، بإنتاج، وبث ثلاثة إعلانات مرئية. الأول: عن الصلاة، والثاني: عن التوبة، والثالث: عن المعاكسات. قد تم إنتاجها بالكفاءات الفنية، التي استقطبتها الرئاسة لمركزها الإعلامي -المنشأ حديثاً-، وأنتجت موادها وفق أحدث المواصفات. وما تحويه من عرض مواد إعلامية، وثقافية هادفة. وسيجري العمل؛ لتنفيذ المرحلة الثانية من المشروع، والتي تضم ثمانية إعلانات في موضوعات متنوعة، هي: «التوحيد، والعفاف، والدعاء، وإفشاء المحبة، والسلام».
من المؤكد، أن التواصل المباشر مع مختلف شرائح المجتمع، وتطوير الوسائل الدعوية حسب -الزمان والمكان-، بما يتناسب مع شريعتنا الغراء، له تأثيره، ووقعه الإيجابي للتقنية على التنمية، وخدمة المجتمع. -خاصة- إذا خاطب العقل، واستند إلى المنطق والبرهان، وعمل على الكشف عن الحقيقة بالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن. وذلك من خلال إرسال رسالة واقعية تصحح مفهومًا، أو تدعو إلى خلق فاضل.
بقي أن أقول: لم يعد يجد أن نقتصر على أمر، أو نهي مجردين. بل أصبح من الواجب، التوجه إلى الناس بكل وسيلة قابلة للتطوير، والابتكار. -إضافة- إلى تصور واضح لوسائل العمل، والأهداف المقصودة. وابتكار البرامج والتقنيات الحديثة، التي تكفل مد جسور التواصل، والتفاعل، والتجاوب مع الآخر، وإيصال كلمة الحق إلى أكبر فئة من المتلقين. وإني لأرجو أن يفتح المجال واسعًا، لإثبات أن الدين الإسلامي دين واقعي، متميز، متوازن. -وبالتالي- سيكون المشروع أكمل، لو تم توظيف وسائل التقنية الحديثة؛ لدعوة غير المسلمين إلى الإسلام -عقيدة وشريعة ونظام حياة-. وبيان حقيقته لهم، وتيسير الوصول إليه، من خلال عرض الأوعية المعلوماتية المناسبة لهم. فالحكمة ضالة المؤمن، أنى وجدها فهو أحق بها.