هل يوجد في جهاز الدولة موظف مغضوب عليه وآخر تتغشاه الرحمات؟
سؤال استفزازي يردده جمع من موظفي الدولة الذين تتجاوزهم الترقيات، ويقف بهم سلم العلاوات وهم يصرخون ويتوسلون ولا مجيب..!
يقول أحد القراء إنه فضل التقاعد المبكر رغم حاجته للوظيفة، خوفا من أن يصاب بما هو أكبر من التخلف الوظيفي، ألا وهو المرض المزمن (سكر أو ضغط) أو كلاهما، بسبب ما يعانيه من ظلم يراه هذا القارئ أنه وقع عليه رغم كفاءته، أمضى - كما يقول - عشر سنوات عجاف في مرتبة واحدة، مما جعله يحسبها صح فوجد الأمل في أن يحقق طموحه مستحيلاً.
آخر جاء بطامة كبرى إذ أمضى في مرتبته عشرين عاماً بالتمام والكمال..!!
وآخر يقول إنه وزميله بل صديقه قدما على الوظيفة في ذات اليوم والساعة، وباشرا سوياً، ومع ذلك صار زميله من أصحاب السعادة المديرين العموميين بينما هو ما زال المكرم فلان، أي أنه ما زال موظفا يئن في مرتبة قريبة من مرتبة تعينه على الرغم من مضي ربع قرن عليه كأحد موظفي هذه الوزارة..!
مسؤول ناقشته في هذا الوضع فقال لي ما هو أدهى وأمر، وقص قصصاً كثيرة تصلح أن تكون رواية ذات فصول عشرة.
أحمد الله أنني لست موظفا حكومياً، فكلما سمعت حالات الغيرة والحنق والكره التي تسود مجتمع موظفي الدولة، والذي يعللونه بسبب المحسوبية المكشوفة، أضحت بعض الجهات مسيطراً عليها من قبل فئة حتى أصبح لهم تاثير في القرار الإداري الوظيفي، فصارت المراتب تفصل عليهم تفصيلاً.
دعوات بعض موظفي الدولة لم تعد لذواتهم بل صارت ترفع بأن يصل فلان بن فلان لأنه يعلم أنه لا أمل له، أما صديقه ففرصته سانحة ليس بسبب علميته ولا فطنته ولكن بسبب أن له ظهراً يسنده - كما يقال - ولذا فهؤلاء الداعون يريدونه أن يصل لينفعهم..!!
وضع مؤلم في قطاعنا الحكومي لا يعلمه من هو خارج هذه القطاعات، ومع كل هذه فالنظام لا يجيز للموظف الحكومي العمل خارج وقت الدوام في القطاع الخاص إلا باستثناءات محددة.!
قد أجد عذراً في تأخر ترقية فئة من الموظفين نتيجة خلل ما في تعيينهم اصلا، لكون وظائفهم التي عينوا عليها كانت مستحدثة لهذه الوظيفة تحديداً، ولا يوجد في سلم الوظائف مراتب لهذه المهنة، ولذلك علق هؤلاء الموظفين وعلقت معهم وزارتهم التي عينتهم، ولكن يجب ألا يتحمل هؤلاء الموظفون خطأ التعيين الاعتباطي، وأن يوجد لهم مخرج من هذه القضية التي لا ذنب لهم فيها.
أما الفئة الأخرى فهي فئة توقفت مراتبهم بدعوى عدم استحداث مراتب لوزاراتهم من قبل وزارة المالية، وعلى المتضرر البحث عن واسطة ليجد المرتبة المخبأة هنا أو هناك.. وكثيراً ما وجدت ولعل خير وجود أكثر من مائة ألف وظيفة شاغرة - كما في تقرير وزارة الخدمة المدنية - ما يوقظ الأجهزة الرقابية لبحث هذا الخلل.
مقالة كهذه لا يمكن أن تحل مشكلة متراكمة، ولكني أردت من خلالها تحريك الأجهزة الرقابية لتقوم بدورها المأمول منها، والذي كثيراً ما أكد عليه خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - والله المستعان.