في ظني أن أحد أهم مؤشرات جودة تعليمنا يتمثل في تزايد (نسبة) المتعلمين السعوديين الذين يستطيعون كسب رزقهم مستفيدين من تعليمهم وخبرتهم (فكراً ومهارة ومعرفة) فيما لو وجدوا أنفسهم يعيشون خارج محيطهم الإسلامي والعربي. أنا هنا بالطبع لا أطالب أن يكون (كل) المتعلمين السعوديين قادرين على الاستفادة من تعليمهم فيما لو عاشوا في اليابان أو الصين أو أوروبا، لكن المؤكد أنه كلما زادت نسبة هؤلاء المتعلمين كلما كان تعليمنا أفضل.
هناك اليوم مؤهلات أكاديمية وفنية تؤهل أصحابها لكسب عيشهم في أي مكان في العالم.
لا شك أن كل مجتمع يحتاج إلى متعلمين يعززون لدى أفراده أنبل القيم و أسمى الأخلاق، ويؤسسون لديهم أرقى أنماط السلوك الإنساني الرفيع، وينمون لديهم الإحساس بالأمل والتفاؤل ويزيلون عنهم القلق، وهؤلاء وإن كانوا خارج الحديث هنا إلا أن كثيراً منهم يمارسون عملهم بطريقة تقليدية ومملة تخلو من البعد الإنساني والعلمي. أقول باختصار إن كثيراً ممن يملؤون اليوم سماءنا ضجيجاً وبهرجة مستفيدين من بساطة بعض الناس وسذاجتهم ومن بعض عللنا وأمراضنا الاجتماعية كالمحسوبية والنفاق والمجاملات، أقول لو قدر لهؤلاء المنتفخين العيش خارج محيطنا العربي والإسلامي لكان أفضل فرصهم في كسب العيش العمل في قيادة التاكسي، دون إقلال من هذه المهنة الشريفة.