عندما أعلنت الفتاة المصرية الحسناء من ميدان التحرير لقناة العربية مع بداية ثورة 25 يناير أن لا خيارات أخرى أمام النظام المصري سوى التنحي، وأن اللعبة انتهت Game over، لم يتوقع أشد المتشائمين أن ينهار النظام بهذه السرعة تلبية لهذا المطلب وهو يتحصن خلف واحدة من أشد قوى الأمن بالمنطقة، ولتطوى صفحة في الحياة السياسية والاقتصادية في مصر، ويبدأ عهد جديد لا تزال ملامحه مجهولة للجميع.
والذي يهمنا في هذا المجال مستقبل الاستثمارات السعودية في مصر والتي تقدر بالمليارات، وعلى وجه الخصوص الاستثمارات الخاصة بالشركات السعودية المساهمة التي تهم قطاعا كبيرا من ملاك الأسهم في تلك الشركات من المواطنين السعودية والتي تشمل قطاعات الصناعة والزراعة والسياحة والخدمات.
لقد عانت تلك الاستثمارات خلال العقود الماضية من الكثير من العقبات وبعضها تعرض للإفلاس والتصفية، والكثير من القضايا مدرجة حالياً على جدول أعمال مجلس الأعمال السعودي المصري.
فعلى الرغم من أن قانون الاستثمار الأجنبي المصري تضمن من الناحية النظرية حوافز مشجعة للمستثمرين الأجانب، إلا أن الواقع العملي يشير إلى أن الفكر الاشتراكي لا زال يهيمن على الكثير من التنفيذيين في الإدارة المصرية السابقة. فبمجرد أن يحط المستثمر ماله ورحاله حتى يواجه بعقبات ومطالب وعوائق لا حصر لها. وأحياناً تختلق ضده قضايا مدنية وجنائية ويوضع اسمه على قائمة الممنوعين من السفر، أو قائمة ترقب القدوم إذا كان خارج مصر. وبالأخير يضطر للانسحاب من السوق وترك الجمل بما حمل.
وحتى لا نعمم، هذا المصير واجه العديد من الاستثمارات السعودية في مصر، والبعض منها تعايشت مع الوضع واستمرت في التواجد بالسوق المصري رغم العقبات التي تواجهها، والقليل منها نعمت بالهدوء. والمطلوب من المستثمرين السعوديين، ومن رئيس الجانب السعودي في مجلس الأعمال السعودي المصري إعادة تقويم الوضع على ضوء التطورات الجديدة على الساحة المصرية، وأخذ زمام المبادرة لإثارة وضع الاستثمارات السعودية أمام حكومة تسيير الأعمال الحالية، وأمام الحكومة الجديدة، على ضوء ما تسفر عنه التطورات السياسية بما يكفل حماية تلك الاستثمارات وإزالة المعوقات التي تواجهها، ومنحها الوضع القانوني الذي يتناسب مع وزنها وقيمتها في الاقتصاد المصري.