لم تكن مباراة الأربعاء الماضي بين الهلال وشقيقه الأهلي الأولى، ولن تكون الأخيرة التي يتجاوز فيها الزعيم معضلات التأليب الأزلي ضده، والتي من أهم أهدافها الدفع والتحفيز على ظلمه والإضرار به من خلال ترديد (أبواق وببغاوات) الإعلام الموجه للكثير من الأباطيل والأكاذيب سواء بقصد تشويه صورته، أو بقصد الضغط على الحكام وتهيئة أرضية تتيح لهم استباحة حقوق الهلال جهاراً نهاراً فقط من أجل إثبات عكس تلك الأكاذيب والأباطيل والنتيجة في كلتا الحالتين والغرض هو الإضرار بهذا الفريق الذي لا ذنب له سوى أنه لا يرضى بغير المقدمة.. والتاريخ يحفل بالعديد والعديد من الشواهد في هذا المنحى والتي لا يتسع المجال لسردها هنا.
إلاّ أن لقاء الأربعاء قد شكل في وجداني حالة من الغبطة -كمتابع- لم أشعر بها من قبل.. ليس لأن الهلال تأهل على حساب شقيقه (الأهلي) فالتأهل هو ديدنه، وقد يخرج من دور الأربعة بصافرة (مطرف أو سعد) خصوصاً إذا علمنا من هو الطرف المقابل، وليس لأنه قدم ملحمة كروية بديعة سطّرها بتشكيلة نصفها من النجوم الشابة والواعدة التي ينتظرها مستقبل باهر (إن شاء الله).
ولكن لأن أحداث اللقاء قد تكفلت بإلقام كل من مارس التضليل والكذب حجراً، سواء في ما يتعلق بأكذوبة أن الهلال لا يساوي شيئاً في غياب (رادوي)، أو أكذوبة مساعدة الهلال تحكيمياً التي يروجون لها منذ عقود لأغراض دنيئة..؟!!.
ذلك أن الزعيم، وهم يعلمون ذلك جيداً.. قد تميز منذ نشأته على إبراز واستقطاب النجوم الأفذاذ، وأن رادوي إن كان يمثل الهلال هذا الموسم فقد لا يمثله الموسم القادم وبالتالي فإن تاريخ الزعيم المتفرد، لم ولن يرتهن أو يرتبط باسم هذا أو ذاك من النجوم، وهذا أحد أسرار تسيده لأكبر قارات الأرض كروياً.
أما الأهم الذي شكّل حجر الزاوية في حالة اغتباطي العفوي - كمتابع- فهو ما يتمثل في كون الهلال خرج من اللقاء (مظلوماً) تحكيمياً كما جرت العادة في كثير من المناسبات.. إذ حُرم من جزائية واضحة مع احتساب الهدف الأهلاوي غير الشرعي في مرمى العتيبي.. وهو ما يشكل صفعة أخرى لطابور التنابلة والأبواق، ولكن لأنهم بلا إحاسيس فلن يتعلموا، ولن تصحوا ضمائرهم من سباتها...؟!!.
لكل هذا فلا غضاضة في أن نعتبر لقاء الأربعاء بما واكبه من أحداث ومن أخطاء تحكيمية مؤثرة ضد الهلال، هي بمثابة (طعم العسل) كونها (حثت) التراب في الوجوه الكالحة، وألقمت حجراً لكل فم لا يتردد في تعاطي الكذب كما يتعاطى المياه الغازية، لو كانوا يخجلون أو يعقلون.
من حراسة الفضائح إلى حراسة الفضائل؟!
معلوم أن أشهر وأهم (النقائص) التي تحط من قدر وقيمة الرجل وتجعله مثاراً للسخرية هي ممارسة الازدواجية والتقلبات في الأقوال والأفعال والمواقف.. هذه النقيصة الدميمة التي أضحت تمثل اليوم بضاعة رائجة ومتداولة في أوساطنا الرياضية والإعلامية مع الأسف.. إذ بات من اليسير والسهل جداً الانتقال من النقيض إلى النقيض في لمح البصر..؟!!.
ذلك أن الزوبعة الإعلامية التي واكبت مشكلة الروماني (رادوي)، ودخول الكثير من الأصوات والأقلام على الخط في مساعٍ غير مشكورة هدفها التصعيد والإضرار بالهلال.. رغم تعارف الجميع على أن تلك الأقلام والأصوات قد نذرت نفسها للاستماتة في المنافحة عن سلسلة طويلة جداً من (الفضائح) التي يندى لها الجبين.. هو ما يجعل المتابع يصاب بالدهشة لسرعة وسهولة انتقال هؤلاء من حراس دائمين للفضائح إلى متقمصين لدور حراسة الفضيلة.. فقط لأن المستهدف يرتدي القميص الأزرق..!!!.
وما أسرع مشاهدتهم غداً وهم يعودون لممارسة أدوارهم ووظائفهم التي جبلوا على ممارستها، دون حرج أو إحساس بقبح المنقلب..؟!!.
المهايطية وصلوا؟!
بحسبة بسيطة يمكن اعتبار الاتحاد هو الأقرب لمنافسة الهلال سواء من حيث تراكبية الإنجازات المتحققة بصرف النظر عن الفارق الكبير الذي يفصل بين الناديين.. أو من حيث التنافس على الحضور والظفر بالألقاب يشاركهما في ذلك نادي الشباب وبخاصة في السنوات الأخيرة.
وبناء عليه يمكن للمتابع أن يتفهم أسباب انزعاج أنصار العميد كلما حقق الزعيم أي منجز من أي نوع والتي كان آخرها لقب (نادي العقد).. كما يمكن تفهم حرصهم على ألاّ يستمر الهلال في توسيع الفارق الرقمي بصرف النظر أيضاً عن مدى وجاهة مساعيهم تلك من عدمها.
غير أن الأمر المضحك حقيقة على طريقة (شر البلية) هو تهافت الأصوات والأقلام النصراوية المنتشرة في أرجاء الصحافة المكتوبة والمرابطة في استوديوهات الفضائيات على مدار الساعة.. عند تحقيق الهلال لأي منجز.. هذا (يلطم)، وذاك ينوح، وآخر يحتج، إلى درجة يذكرني أكثرهم بتشنجات سيئ الذكر (عطوان) في برنامج عكس عكاس!!!.
وبهذا تنطبق على هؤلاء مقولة (لا في العير ولا في النفير) بحذافيرها وفق المعايير والمقاييس المعتبرة لدى الأسوياء.. ذلك أنه لا يجمع بين الهلال والنصر أي تنافس من أي نوع، لا من حيث المعدلات الرقمية التي حققها كل طرف، ولا من حيث التنافس على تحقيق الألقاب والمنجزات، وبالتالي فلا وجه ولا قيمة لأن يلعبوا مثل هذا الدور الذي لا يليق إلاّ بطرف تتوفر فيه شروط المنافس الميداني وليس المنافس الإعلامي.. إلاّ إذا كانوا يجدون في هذا الصخب والزخم والتواجد الإعلامي الطاغي.. فضلاً عن إقحام أنوفهم في كل شاردة وواردة تخص الهلال، وسيلة تعزيهم عن العجز في مجاراته ومنافسته بطولياً.. فذاك شأنهم ولله في خلقه شؤون.