لحضرموت في تاريخ الحضارة العربية سفر خالد ولقد سعدت بحضور فعاليات احتفالات تريم الثقافي بمناسبة اختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2010م وحضور ندوة (الربانيون وراثة النبوة وعظم المسؤولية) التي عقدت خلال الفترة من 19 - 21 ذي القعدة 1431هـ بمدينتي سيئون وتريم بدعوة كريمة من رابطة العالم الإسلامي. ولقد غادرت الرياض مع ثلة مثقفين ومسؤولين ورجال أعمال وإعلام وأكاديميين وانطلقت الرحلة من الرياض إذ حطت الطائرة الميمونة عند الساعة الحادية عشرة صباحاً في مطار مدينة سيئون والتي كان استقبالها لنا حافلاً من رجال العلم والثقافة والدين والتربية ومحافظ حضرموت ونائب السفير السعودي عبدالله السلمي ثم انطلقنا في الحافلة إلى الفندق في بلدة سيئون وبعد استراحة في الفندق توجهنا لقاعة الاحتفالات فكان اللقاء بمعالي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي الأمين العام لرابطة العام الإسلامي ومعالي وزير الأوقاف اليمني ورئيس مجلس القضاء الأعلى وعدد كبير من العلماء والأدباء والمشايخ الذين حضروا من المملكة ومن اليمن ومن عدد من الجامعات في المملكة واليمن وكوكبة من علماء قطر والإمارات وعمان فكانت هذه الندوة من الندوات العلمية والفكرية، حيث قدمت عدد من البحوث القيمة في ثلاثة محاور رئيسية في كل محور أربعة موضوعات. وقد كانت البحوث المقدمة والمشاركات على درجة عالية من الأهمية لامست قضايا فقهية معاصرة وعملت على ترسيخ مفاهيم وثوابت إسلامية جوهرية وخرجت بتوصيات مهمة ورؤى مشتركة للعديد من القضايا الإسلامية - ولقد أثرى هذه الندوة الحشد الكبير من العلماء ببحوث علمية وروح عالية والتقاء الآراء وتلاقح الأفكار بين علماء البلدين الشقيقين ثم قمنا بعد انتهاء جلسة المؤتمر بزيارات لمدينة تريم وهي العاصمة الدينية لحضرموت منذ القرن الرابع الهجري وهي تقع شرق سيئون وتبعد عنها حوالي 35 كيلا وعن عاصمة المحافظة المكلا 356 كيلا وترتفع عن سطح البحر 2070 قدما وتقدر مساحتها بحوالي 3500 كيل وترجع المصادر التاريخية تسمية مدينة تريم إلى أحد ملوكها وهو تريم بن كندة وأول من عمرها تريم بن حضرموت بن سبا وقد جاء ذكرها في النقوش اليمنية القديمة وكانت عاصمة لملوك كندة وقد عرفت على مر التاريخ بكثرة مساجدها وزوايا العلم فيها ولقد شاهدنا العديد من المساجد وأربطتها ومعاهدها ومعمارها الطيني وحرفها وفنونها التقليدية وآثارها التاريخية ومكتباتها ومخطوطاتها وفي صباح يوم الجمعة 29-10-2010م أقيم حفل اختتام الندوة العلمية بمدينة تريم وألقيت فيه عدد من الكلمات بحضور عدد كبير من العلماء والمسؤولين والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي ورئيس مجلس القضاء الأعلى في اليمن وألقى الدكتور عبدالله التركي كلمة حيّا فيها الجمع المبارك من العلماء والأكاديميين المشاركين في الندوة مثمناً جهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس علي عبدالله صالح لاهتمامهما بالعلماء وأهل العلم والمؤسسات العلمية، مشيداً بجهود القائمين على تنظيم الندوة وفي مقدمتهم المهندس عبدالله أحمد بقشان والدكتور عمر بامحسون، كما ألقيت كلمة وقصيدة بهذه المناسبة تحدثت فيها عن الزيارة التاريخية لبلاد الأحقاف والاطلاع على تاريخها وآثارها ومعالمها متذكراً قول الله ?وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ? والذي انطلقت منه أكبر هجرة عربية استطاعت نشر الإسلام بالقدوة الحسنة والكلمة الطيبة والمشروعات الثقافية الرائدة، ولقد كان لحضرموت صورة حضارية، حيث التاريخ والتراث والحياة والعمل - وتريم غنية بتاريخها وتراثها الحضاري والإسلامي ولعلمائها أثر كبير في نشر الإسلام وفي ذاكرة التاريخ العربي الإسلامي - ولقد كانت فرصة للتجول في ربوع وادي حضرموت الذي يضم بين جانبيه عدداً من المدن والقرى والمزارع والمناظر والمشاهد الأثرية والتاريخية وكذا وادي (دوعن) الذي عرف بإنتاج العسل أهم مقومات اقتصاد سكانها وللأسف بحثنا عن العسل فقيل لنا قد انتهى موسمه وزيارة مدينة (شبام) ذات الطابع المعماري الجميل إذ تصل أدور المباني إلى ثمانية مع أنها مبنية كلها من الطين منذ زمن بعيد ورأينا عدداً من السواح الأجانب وقد أدهشتهم هذه المناظر والمباني ولا غرو فلحضرموت في تاريخ الحضارة العربية سفر ذهبي خالد حقاً إن الرحلات الجماعية المنظمة وخاصة عندما تكون مع جمع من العلماء والمثقفين تضيف سعادة لا تتحقق في الرحلات الفردية وتحية للدكتور بامحسون الذي بذل جهداً كبيراً في رعاية الجميع وتوفير الراحة والزيارات ولرجل الأعمال المهندس عبدالله بقشان الذي وفر طائرة لنقل الضيوف ثم غادرنا تلك الربوع والنفوس مفعمة بتلك المشاهد ومليئة بالذكريات عن منطقة معرقة في القدم وضاربة جذورها عبر التاريخ وهي بلاد الأحقاف التي ذكرها الله في كتابه بقوله ( وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ).