|
الجزيرة - عبدالله الحصان
تشهد السوق المحلية حراكاً مبعثراً حول التوجه نحو الاستثمار في صناعة السيارات بالمملكة، وفتح هذا الحراك الباب مشرعاً للتعاطي مع هذا التوجه بشكل أكثر توسعاً وجدية تحت مظلة ورعاية ودعم الجهات الرسمية، كون التوسع في هذه الاستثمارات المهمة التي تزايد الطلب على منتجاتها سيعزز بشكل فعّال من مساهمة القطاع الصناعي في الاقتصاد الوطني، إضافة إلى فرص العمل التي ستوفرها هذه الاستثمارات للسعوديين، وحول هذا الإطار أكد مدير عام التسويق في البرنامج الوطني لتطوير التجمعات الصناعية أن المملكة ستنتج ابتداءً من الربع الأخير للعام المقبل 25 ألف شاحنة سنوياً من ماركة ايسوزو.
وقال الدكتور فايز الحبيل في تصريح خاص ل»لجزيرة»: إن الشركة اليابانية التي أخذت المفاوضات معها وقتاً طويلاً رأت أن السوق السعودي سوق مجدٍ اقتصادياً لصناعة السيارات؛ بسبب وجود العديد من الميزات التنافسية التي يتميز بها مقارنة بالعديد من الأسواق المنافسة، وهذا ما أكدته دراسات الجدوى التي اعتمدت عليها الشركة، الأمر الذي زاد حماسها وشجعها لاختيار بيئة السوق السعودي والاستثمار فيها، وأضاف الحبيل: منتجات الشركة لن تكون خاصة بالسوق المحلية، بل سيتاح لها مجال التصدير إلى الأسواق الخارجية، وفيما يتعلق بموقف وكيل الشركة بالمملكة من هذه الشراكة كشف الحبيل أن الأمر يعنى الوكيل والشركة معًا، ونحن كبرنامج لتطوير التجمعات الصناعية لسنا معنيين بقضية الوكيل والشركة فهناك اتفاقيات تخص الطرفين، مبيناً أن المشروع سيقام على مساحة 120 ألف متر مربع في الصناعية الثانية بالدمام كأرض ممنوحة من هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية. وجاءت هذه الخطوة بعد التعاون المثمر بين برنامج التجمعات الصناعية وهيئة المدن الصناعية لاستقطاب مثل هذا النوع من الاستثمارات.
وتأتي خطوة ايسوزو لتؤكد مجدداً أن السوق السعودية تمثل بيئة جاذبة للاستثمار في مجال تصنيع السيارات، ويعزز ذلك تجربة (غزال 1) حيث وقعت جامعة الملك سعود مؤخراً اتفاقية مع شركة ديجم الكورية لصناعة السيارات التي تحفزت هي الأخرى للدخول إلى السوق المحلي عبر مجال صناعة السيارت بهدف إنشاء شركة جديدة لصناعة السيارات بالمملكة برأسمال 500 مليون ريال، وستخصص هيئة المدن الصناعية نحو مليون متر مربع لإقامة المشروع في المدينة الصناعية بالرياض أو الخرج. وكانت غرفة جدة قد أعلنت على لسان أمينها العام عدنان مندورة خلال معرض جدة الدولي للسيارات في ديسمبر الماضي أنها تدرس جدوى إقامة مصانع للسيارات في المملكة، وأشارت إلى أن العرض والطلب الحالي يحفز وجود مصانع محلية للسيارات. إلى ذلك أعلنت غرفة الرياض أمس عن إطلاق ندوة حول مستقبل صناعة السيارات بالمملكة خلال هذا العام، ستستعرض تجربة جامعة الملك سعود لتطوير مشروع سيارة (غزال 1)، ومشروع سيارة (أصيلة) والتي تنفذها مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية. ويعكس هذا الحراك المحلي طموح السوق السعودية في التوجه نحو التصنيع المحلي للسيارات سواءً عبر الشراكة مع الشركات العالمية أو إطلاق مبادرات جديدة، ويمثل فريق التعاون الصناعي السعودي الياباني شريكاً مهماً في هذا الاتجاه، حيث تم إطلاق الفريق بناءً على مقترح من وزارة البترول والثروة المعدنية، ووزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية خلال الزيارة التي قام بها رئيس وزراء اليابان السيد شينزو أبي إلى المملكة في 2007 م، حيث صدر حينها بيان مشترك بينه وبين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، متضمنًا تشكيل فريق تعاون صناعي سعودي ياباني مشترك؛ بهدف تطوير وزيادة الاستثمارات الصناعية اليابانية في الفرص المتاحة في المجالات الصناعية الجديدة بالمملكة، وكذلك تنسيق عرض الفرص الاستثمارية بين البلدين، إضافة إلى دعم وتطوير مهارات وخبرات القوى العاملة السعودية.
ومن ذلك المنطلق فقد تم بلورة تلك الرؤية الاستراتيجية التي وضعتها قيادة البلدين في ذلك البيان المشترك إلى واقع ملموس، وذلك من خلال توقيع اتفاقية إنشاء مصنع بالدمام للشاحنات الثقيلة والمتوسطة والخفيفة الحجم، من خلال الشراكة مع شركة ايسوزو باستثمارات تقدر بـ 375 مليون ريال، وسيوفر هذا المشروع نحو 690 فرصة عمل للشباب السعودي. ويقوم البرنامج الوطني لتطوير التجمعات الصناعية حالياً بالعمل مع مؤسسة التدريب الفني وصندوق تنمية الموارد البشرية وشركة ايسوزو من أجل تحديد البرامج التدريبية اللازمة لتأهيل الشباب السعودي للعمل في المشروع، والتي على ضوء نتائجها سيتم ابتعاث عدد من العاملين السعوديين للتدريب على رأس العمل في مصانع الشركة في اليابان.
يذكر أن البرنامج قام منذ إنشائه وحتى الآن بالعديد من المفاوضات والمباحثات لإقامة تجمع لصناعة السيارات وأجزائها وذلك عبر استقطاب تلك الشركات العالمية المتخصصة في صناعة السيارات.