لا يستطيع المساهم في شركة المساهمة التدخل في إدارة الشركة إلا من خلال جمعيات المساهمين، ولكن هذه الجمعيات تنعقد على فترات متباعدة، وبناءً على دعوة من مجلس الإدارة الذي تُراقبه. وإذا كان عدد المساهمين كبيراً، كما هو الشأن في الشركات المُدرجة، فإن الفجوة بين المستثمرين والإدارة تزداد اتساعاً؛ ولهذا السبب أُخضعت هذه الشركات للسلطات التنظيمية الحكومية ضمن القطاع المالي مثلها مثل البنوك وشركات التأمين. ولكن التدخل الحكومي التنظيمي يقتصر (ويجب أن يقتصر) على الحد الأدنى، مما يُبقي أموال تلك الشركات تحت رحمة إداراتها، لا يمنعها من الإثراء على حساب المستثمرين سوى الأمانة والضمير. وغني عن القول إن الإدارات التي تفتقر للأمانة والضمير أذكى من أن تعتدي على أموال الشركات بصورة مباشرة، ولكن عبر حيل ووسائل يصعب كشفها لاسيما في الدول النامية حيث تكون كفاءة الجهات التنظيمية ضعيفة.
ومن أكثر تلك الحيل والوسائل شيوعاً تأسيس المُدير (أو عضو مجلس الإدارة) شركة باسم قريب أو صديق ثم تتعامل هذه الشركة مع الشركة المُدرجة في اتفاقات مجحفة تكفي لامتصاص أرباحها.
وتزداد هذه الحالات غموضاً عندما تتحالف الإدارة مع كبار الملاك في الشركة المُدرجة أو يكون المدراء هم كبار الملاك، وعندئذٍ يؤسسون شركات مُعلنة مُتخصصة بالأنشطة المُكملة لأنشطة الشركة المُدرجة، تتعامل معها بعقود تبدو بريئة ومُقرة من الجمعية العامة، ولكنها تنطوي على أسعار مُجحفة.
ومن أكثر الحالات خطورة وشيوعاً تأسيس المدير شركة ورقية خارج المملكة في أحد المقاطعات المتخصصة، مثل جزر الكايمون، وتكون تلك الشركة الورقية حلقة الوصل بين الشركة المدرجة وعملائها سواءً الموردين (البائعين) أو المشترين بحيث تختلس الشركة الورقية نسبة صافية من إجمالي مبالغ البيع أو الشراء. وقد تكون هذه الشركة الورقية مكباً لديون الشركة المُدرجة (كما فعلت شركة إنرون الأمريكية) بحيث تظهر القوائم المالية للشركة المدرجة في حالة ممتازة رغم أنها تحقق خسائر مُهلكة.
في المملكة تُعاني العديد من الشركات المُدرجة من هذه الأمراض، وفي حين يصعب تسمية أي منها في مقال صحفي إلا أنه يمكن الاستدلال عليها عندما تبدو الشركة شاحبة اللون على حافة الإفلاس رغم أنها تعمل في قطاع مُربح أو تتلقى دعماً حكومياً من أي نوع.
وقد تُحقق الشركة الضحية أرباحاً، ولكنها لا تُبقي من الأرباح ما يكفي للتوزيع على المساهمين وإنما تتراكم تلك الأرباح ثم تضمر فجأة، وهكذا ولذا فإنني أدعو الجهات التنظيمية لمراقبة الشركات الشاحبة.