إذا أردت أن تنتقل إلى الغد مباشرة وكأنك تدخل مغارة مليئة بالأحلام التي تتحول أمامك إلى حقيقة مدهشة فاعبر الطريق الدائري باتجاه مخرج 2 ثم اتجه يساراً نحو مبنى السنة التحضيرية في جامعة الملك سعود، وسم الله وادخل بيمينك كما فعلت أنا ومجموعة من الزميلات اللاتي شرّفنا معالي مدير الجامعة بدعوة لزيارة وادي التقنية الذي تقدّمه الجامعة كإحدى بشارات الوطن القادمة التي تلوح لنا: أن اطمئنوا فأبناؤكم وبناتكم في أيدٍ أمينة.
منذ اللحظة التي تم استقبالنا فيها من أمام مكتبة الأمير سلمان تشعر أن الجامعة تتعامل مع المرأة بارتياح، وتنظر لها كمواطن كامل الأهلية، حتى وهي تتواجد بشكل استثنائي في مباني الرجال، تفانى الجميع في تقديم صورة حقيقية عمّا يدور في الجامعة، والجميع يريد أن يقدّم المعلومة بكل شفافية، ظهر لي أن المسئوولين وعلى رأسهم معالي د. عبد الله العثمان يرحبون بكل وجهات النظر مهما اختلفت، وأظن هذا أحد أسرار تفوّق الجامعة مؤخراً، مشروع غزال استفاد من النقد الذي وجّه للسيارة الأولى، تم تعديل الجيل الثاني ورُوعي فيها الكثير مما ورد من آراء تناقلتها وسائل الإعلام. وادي التقنية يعمل على الاستثمار المعرفي أو ما يُسمى علمياً باقتصاد المعرفة. الذي يعبر دوار الكتاب باتجاه الشرق أو الغرب سيشاهد المباني الشاهقة التي ظهرت فجأة وكأنها أحلام وخيالات، لكن آلاف العمال الذين يتناوبون في البناء تراهم في المساء مثلما تراهم في الصباح يجعلونك تتذكّر الصين وشركات بنائها التي لا تهدأ حتى تستقيم الأبراج وتتطاول بلمح البصر أو يكاد، لذا أسعدني أنه تم احتواء إضراب هؤلاء العمال وحلّ مشكلاتهم حيث التقى- حسب ما نشرت الصحف - مدير الجامعة للاستماع إلى مطالبهم ورفعها لشركاتهم، وفي ذلك تقدير لدور هؤلاء العمال الذين نهض بفضل الله ثم بجهدهم وادي التقنية ببناياته ومشاريعه الشاهقة التي تتبدى للرائي وكأنها بساط ريح ينقلك مباشرة نحو الغد، يتجاوز بك الأمس واليوم ويجعلك تستشعر شهقات الدهشة الطازجة.
شهادتي في جامعة الملك سعود مجروحة فقد تشكل وعيي الجديد في جنباتها ولا أزال!
لكنني اليوم أدوّن عن وادي التقنية كلمة حق وأتمنى أن يقرأ الجميع عن هذا المشروع الطموح عبر موقع الجامعة المشروع - الحلم الذي استثمر الطفرة الاقتصادية الثانية التي نعيشها وقدّم للوطن وادي سيلكون جديداً محفزاً للعقول الباحثة ومحتوياً للطاقات الوطنية المميزة، مراكز بحث ومنشآت صناعية علمية وأبراج سكنية استثمارية لتمويل المشاريع المستجدة، مبان عملاقة لكليات البنات فاقت بتصاميمها مباني البنين، أحلام متراصة تنبت في وسط صحراء نجد، تهب لنا الطمأنينة وتحرض قوافل أحلامنا في أن تستثمر هذه المشاريع على النحو الذي قامت من أجله، بقي أن أشكر الأخت ندى المشرفة على مكتب معالي مدير الجامعة على كافة جهودها - أما كيف مشرفة على مكتب معالي المدير؟ فتلك خطوة غير مسبوقة سأحدثكم عنها بمقال مستقل لأنها خطوة تستحق التأمل والتأسي بها.