الإسلام ينظر إلى العمل باعتباره قيمة أساسية من القيم التي تُبنى عليها حياة المسلم، حيث جعل العبادة والعمل وجهين متشابهين لعملة واحدة، ومن ثم فلا يكتمل إيمان المرء إلا بالجمع بينهما بصورة تراعي متطلبات الإنسان المسلم الدينية والدنيوية. ونظرا إلى أن (البطالة) من أهم المشكلات والتحديات التي توليها حكوماتنا ومجتمعاتنا المعاصرة الاهتمام، لأنها مرض خطير ينخر في المجتمع، خاصة أنها أساس الهم والفقر والذل والحقد والكراهية والحسد والجريمة بكل أنواعها، فضلا عن كونها السبب الرئيسي للخروج على قوانين المجتمع وأعرافه والعداء للقيم والأخلاق والأمن والأمان وإثارة الشغب والنصب والتزييف في البلاد.
والإسلام ينظر إلى العمل أيضا من علامات الإيمان بالله، ومن ثم فلا يصح إيمان المرء إلا بامتزاج العمل مع العبادة في بوتقة توازنية، تراعي متطلبات الإنسان الدينية، حيث يظهر ذلك بوضوح في النصوص الدينية التي أسست لهذه القيمة.
والعمل من وجهة نظر الإسلام يطلق على ما يشمل عمل الدنيا والآخرة فعمل الآخرة يشمل طاعة الله وعبادته والتقرب إليه، أما عمل الدنيا فيطلق على كل سعي دنيوي مشروع، ويشمل ذلك العمل اليدوي وأعمال الحرف والصناعة والزراعة والصيد والتجارة والرعي وغير ذلك من الأعمال التي يزاولها الإنسان. والنصوص الدينية في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة تؤكد على اهتمام الإسلام بالعمل، من خلال مبدأين أساسين هما:
أن (الإسلام) جعل العمل أساس الكسب وأن على المسلم أن يمشي في مناكب الأرض، ويأكل من فضل الله، القائل:{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره، خير له أن يقال أحد فيعطيه أو يمقته».
ثم يأتي المبدأ الثاني وهو أن الأصل في سؤال الناس هو الحرمة. وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من المسألة، وبالغ في النهي عنها والتنظير منها، فقال النبي صلي الله علية وسلم:»اليد العليا خير من اليد السفلى...إلخ. ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم، وتحصيلا لمكنونات الله ونعمه وكنوزه التي استودعها الله سبحانه وتعالى فيها للإنسان واكتسابا للمال الحلال الذي ينفق منه الإنسان على نفسه وأهله، ويسهم به في مشروعات الخير والنماء للمسلمين. ويؤدي فيه فرائض الله، فيزكي ويحج ويؤدي ما عليه من واجبات والتزامات دينية ودنيوية.
أخيرا ندعو الشباب المسلم إلى البحث عن عمل أو وظيفة، عليه أن لا يتردد في قبول أي وظيفة تليق بمؤهلاته وخبراته وحاجاته، فلا عيب أن تعمل سباكا أو نجارا أو حدادا أو مسوقا أو نادلا في أحد المطاعم أو حارسا في إحدى الشركات أو بوابا عند أحد الفنادق. المهم أن لا تبقى عاطلا...لأن البطالة لها طريق واحد تدميرك وتحطيم حياتك.
عليك أن تسعى...وتذكر دائماً أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة...عليك الحركة ومن الله سبحانه وتعالى البركة...حفظك الله وأبقاك.
- الرياض