كنا نتمنى أن لم يصب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز شفاه الله وعافاه بسوء أو مكروه أبدا، ولكن هذه الدنيا، وهذا هو حال ابن آدم فيها، ألم وأمل، صحة وسقم، حلول وارتحال، والمتابع والقارئ في خارطة ذهنية المواطن السعودي، والمراقب لما يُكتب ويسطر، والسامع لما يحكى ويُقال، يعرف كم هي محبة أبي متعب متجذرة في النفوس، منغرسة في القلوب، متربعة بين الحنايا، تزداد مع الأيام عشقا، وتردد الاسم حين الغياب حباً وشوقا، تسلي نفسه بالأمل، وتترقب وتنتظر الخبر، ها وقد أُعلن عن قرب مجيء خادم الحرمين الشريفين إلى أرض الوطن فالكل يريد أن يعبر عن فرحته بعودة ملك الإنسانية الرمز باللغة التي يجيدها وحسب الطريقة التي تفتق عنها ذهنه ويعتقد أنها مناسبة للحال وربما تليق بالمقام.
لقد جاء البشير - مطلع هذا الأسبوع - زافاً بشرى قرب مقدم مليكنا المحبوب إلى أرض الوطن فتبادل الناس التهاني وتناقلوا الخبر فرحاً وسروراً، حاولت من بين هذه الجموع أن أبحث في قاموسي عن أحلى وأجزل وأعمق وأنسب الكلمات وأجمل الشواهد وأفضل العبارات لتزدان بها هذه الزاوية، ولأحاول أن أبوح بشيء مما في الفؤاد في هذه المناسبة العزيزة عند الجميع، ومع قناعتي التامة بأن كل الأحاديث والمقالات، وكذا القصائد والمعلقات.. ومثلها الشعارات والعبارات.. واللوحات والنشرات.. والمهرجانات والاحتفالات.. تتقازم أمام قامة عبد الله بن عبد العزيز التي تشعرنا دوماً بعزة المسلم وأنفة العربي وشموخ الوطن وهيبة القائد وعطف ورحمة الأبوة الحانية، مع قناعتي تلك إلا أنني أؤمن بأن المشاركة هي تعبير عن الفرح الذي يختلج في الفؤاد وتذكير بالحقوق المتبادلة في مثل هذه المناسبة الغالية، ومحاولة جادة لمد جسور الوصال ولو بالحرف.
إن حق الله علينا في هذه المناسبة أن نسجد له شكراً واعترافاً بالمنة والفضل، فهو وحده الشافي وهو سبحانه الحافظ والجامع للكلمة ومؤلف القلوب وموحد الصف ومبدد الفرقة ومزيل الاختلاف ومذهب الاحتقان ورازق الإنسان أياً كان هذا المخلوق محبة الناس واتفاقهم واجتماعه عليه.
كما أن حق الوطن في يوم مقدم خادم الحرمين الشريفين من رحلته العلاجية بسلام أن نجدد لقادته الولاء ونعاهد الله ثم المليك بالإخلاص والوفاء وأن نبذل قصار جهدنا من أجل رفعة وعزة وتقدم وطننا المعطاء، يحفزنا لكل ذلك تشريف الله لنا بانتمائنا لهذه الأرض الطيبة ووجود ولاة أمر انبروا بكل تفان وإخلاص لبناء وطن عزيز وتحقيق نهضة إنسان، وما السجل الحافل بالخير والعطاء لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وما التاريخ المسطر بالبذل والوفاء لولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز، وما المواقف التي لن تنسى والأحداث التي لن تنمحي مهما تقادم الزمن لرجل الأمن الأول النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وما هذه وتلك إلا شاهد أكيد وبرهان واضح على أن في جبين الزمن وعلى أرض الوطن قادة يتقدمون المواطنين في رسم ملامح المواطنة الصالحة الفاعلة من أجل هذا الكيان العزيز وفي سبيل سعادة ورخاء وأمن واستقرار مواطنيه وقاطنية فلهم ولكل مواطن مخلص صادق تحية إجلال وتقدير، وللوطن تجديد عهد يزدان بالوفاء ويطرز بالإخلاص ويعنون بالمواطنة الصالحة بدلالتها الواسعة ومفهومها الشامل والدائم.
وحق العائد إلى الوطن بعد طوال انتظار- ملك الإنسانية الرمز عبد الله بن عبد العزيز - حقه علينا أن نمضي في طريق الإصلاح الذي خط خطوطه وبين معالمه ورسم خريطته بكل صراحة ووضوح وأكد عليه وكرر الحديث عنه في أكثر من مناسبة وطنية مشهودة، وأن نكون كما أرادنا وكما هو حفظه الله ورعاه نتسم بالمصداقية ونتصف بالشفافية ونتسلح بالعقيدة الصحيحة والعمل الجاد والصبر والمصابرة، كما أن من أهم حقوقه على كل فرد منا أن نرفع أكف الضراعة إلى الله عز وجل بأن يحفظه ويرعاه وأن يمد في عمره وهو يرفل بثوب الصحة وينعم بالشفاء.بقي أن أشير إلى أن هذا حال من يمكنهم التعبير ويستطيعون الوصول أو على الأقل إيصال صوتهم إلى من حولهم أما الكثير من أبناء الشعب المحب القابعين هنا أو هناك في مناطق المملكة المختلفة ففي قلوبهم الكثير ولديهم من مشاعر الحب وعناوين الوفاء والإخلاص والعطاء ما لا يحده حد ولا يعرفه أحد إذ لم يكن بمقدور وسائل الإعلام أن تصل إليهم وتلتقي بهم وعلى افتراض أنها وصلت فهي لن تستطيع أن تنقل ما بين حناياهم من مشاعر فياضة وفرحة غامرة لا توصف فالعبارات قد تعجزهم والأقوال قد تعيهم ولكن جزماً هم أوفياء وأقوياء بأفعالهم ومواقفهم التي هي عناوين جميلة للحمة الوطنية التي يجب إظهارها وتعزيزه في مثل هذه المناسبة السعيدة وفي هذا الوقت بالذات ودمت عزيزاً يا وطني وعوداً حميداً أبا متعب وإلى لقاء والسلام.