الحديث عن البرنامج المشترك، الذي عُقد - قبل أيام - بين حملة السكينة، وجامعة الأميرة نورة، هو: حديث عن الفكر، الذي يُوجِّه السلوك الإنساني، وعن الثقافة السائدة، التي تسود المجتمع؛ ليتشكَّل منهما الوعي دون الحجْر عليه، وربطه - بعد ذلك - بالقضايا الاجتماعية، والأحداث العالمية، وهو: حديث عن علاقة شراكة تكاملية بين مؤسسات وطنية، تهتم في شؤون الحياة، وخدمة المجتمع.
أحد أدبيات الخطاب التفكيري، العمل على استقطاب المتشبعات بالفكر الجهادي، إما عن طريق نشر الفكر الضال، أو جمع التبرعات، أو إيواء المغرر بهن من أقاربهن، وهي - بلا شك - بيئة مرشحة؛ لنمو الأفكار المتطرفة، فما بالك إذا دخلت المرأة على الخط في الخطاب التكفيري!، وقامت بنشر أفكار الفكر الضال، عبر الشبكة العنكبوتية، - ناهيك - عن التحريض، والتعبئة، وهو ما يتقاطع مع بقية الأفكار الأخرى؛ لرسم سياسة العنف، والتحريض، بل إن «هيله القصير»، وهي من أشهر الشخصيات النسائية المتطرفة، كانت تستجلب صغيرات السن، من ذوي المطلوبين أمنياً؛ لإدراجهن في التنظيم بشكل، أو بآخر، - سواء - عبر توفير الدعم المادي، أو المعنوي - من خلال - توفير المعلومات عن ذوي المطلوبين، وأحوالهم، - فضلاً - عن محاولاتها استقطاب عدد من زوجات المطلوبين، وأخواتهم؛ للحاق بهم في اليمن، كما فعلت مع زوجة سعيد الشهري.
خُذ على سبيل المثال: فقد كان هروب «وفاء الشهري» إلى اليمن، بداية تأسيس تنظيم نسائي قاعدي؛ للخدمات المساندة، ومن ثم كان الاعتراف بحق المرأة في المشاركة من أبواب متفرقة في الأعمال اللوجستية، والميدانية للتنظيم، قضية محسومة لديهم. بدأت من التنظير الشرعي - فكراً وعقيدة -، ووصولاً إلى العمل الميداني. - لذا - اعتبرت المرأة القاعدية، بحسب تحليلات المختصين في شؤون الإرهاب: «صمام الأمان، وحجر الزاوية في العمل الإرهابي».
بناء على هذا الاستقراء الموجز، يتأكد أن: التوعية، والتحصيل الفكري، ركيزة كل أمن، وأساس كل استقرار؛ من أجل الحيلولة دون إقحام المرأة في قضايا الإرهاب، والعمل على الحد من استقطابهن لدى التيارات المتطرفة. ومن ذلك: تجنيدها؛ للأغراض الدعوية، والتمويلية، أو استخدامها في تنفيذ أعمال لوجستية.
أهم ما يمكن إضافته فيما تبقى من مساحة، هو الإشارة إلى ما أخبرني به - الأستاذ - عبد المنعم بن سليمان المشوح - رئيس حملة السكينة -، بأن هذه أول تجربة لحملة السكينة مع جامعة نسائية، وهي خطوة أولى؛ لقياس التجربة، وعلى إثرها تُبنى خطة إستراتيجية مع الجامعة؛ لتعزيز الوسطية، ونبذ التطرف. إلا أن ما لفت نظري، هو: قياس التجربة عن طريق تنوع الوسائل، ومن ذلك: مُشاركة طالبات جامعة - الأميرة - نورة، في تعزيز الوسطية، ومحاربة الإرهاب عن طريق مسابقة أقامتها حملة السكينة، تتمثَّل في كتابة مقالة، في حدود «400» كلمة، يخدم محتواها أحد أقسام، ونوافذ موقع حملة السكينة. - وأيضاً - كتابة قصة قصيرة، تخدم هدف تعزيز الوسطية، ونبذ الغلو، والتطرف، بشرط أن تكون القصة مستوحاة من أحداث واقعية. - إضافة - إلى إنتاج الأفلام القصيرة في حدود «4» دقائق؛ لإيصال رسالة تعزز منهج الوسطية، والاعتدال، والمفاهيم الصحيحة، وتحذر من الغلو، والتطرف.
صحيح، أن استجابة المرأة للتيارات المتطرفة ضعيف، إلا أن العمل على أخذ التدابير الاحترازية، مطلب مهم، ومن ذلك: إيجاد برامج توعوية، ولقاءات حوارية نسائية مباشرة، تستهدف توعية النساء؛ لمنع تعاطفهن مع الخطاب التكفيري، - ولا سيما - أن الإحصائيات، أثبتت: أن من تورط من النساء في أعمال تنظيم القاعدة، كان بسبب الجهل، وتحريك الغريزة العاطفية - لديهن -، وذلك من خلال: بث الأناشيد الحماسية، والصور المحرّفة، وعرض الخُطب الرنانة، ويؤكد ذلك، ما قدمه أحد مراكز الأبحاث والدراسات في الرياض من إحصائية، تقول: إن «40%» من مواقع أصحاب الفكر المتطرف، تديرها نساء، أعمارهن ما بين «18- 25» عاماً، وينتمين لمناطق جغرافية مختلفة».