تواصل سقوط الأنظمة العربية التي لم يكن أحد وقبل شهر يتوقع سقوطها!
البداية كانت في تونس، ومن ثم مصر، والآن ليبيا؛ حيث يترنح القائد معمر القذافي ونظامه الذي لا يعرف ولا حتى الليبيون كيف صمد 42 عاماً على الرغم من أن كل نظريات العلوم السياسية والإدارة لا تعرف مثيلاً له في الفوضى! نظام مبني على فكر ومزاج شخص واحد، أعتقد بأنه المفكر الأوحد على ظهر البسيطة، ومع أول مواجهة شعبية جادة انهار النظام بصورة سريعة كشفت عن ضعف هيكليته؛ فلا وجود لما يسمى باللجان الشعبية، ولا للأجهزة الأمنية، حتى الجيش غاب عن المسرح السياسي وعن الأحداث! فاستعان (القائد معمر) والدائرة المستفيدة من حوله بمرتزقة من إفريقيا، وأصبح الليبيون أهدافاً لمستأجرين جُلبوا من تشاد والنيجر ونيجيريا وغانا.
في ثلاثة أيام سقط من الليبيين قتلى وجرحى أكثر مما سقط من ضحايا في تونس طوال شهر المواجهة وأكثر مما حصل في مصر في 18 يوماً، وهذا يكشف مدى قسوة نظام القائد والمرتزقة الذين جلبهم من إفريقيا.
والمؤلم والمأساة بكل ما تعنيه الكلمة، أن المدن الليبية استُبيحت من قبل اللجان الشعبية التي لا علاقة لها بهذا المسمى بتاتاً؛ إذ لم يكونوا رحيمين بالشعب الذي يفترض أنهم من صلبه وأنهم ممثلون له، إذ كانوا حراساً للقائد وللمنتفعين الذين من حوله، أما المرتزقة الأفارقة الذين عاثوا في المدن الليبية فساداً فهم لم يُجلبوا إلا لهذا الغرض.
المهم، أن الشعب الليبي يتعرض لمجزرة حقيقية، ومع هذا فالجميع لا يزال يتفرج على المجزرة بصمت وإن تحدث فبكلمات خجلى، إذ لا تزال توجيهات وأفكار ميكافيلي تحكم ردود أفعال الغرب الذي يرى أن مصالحه أهم من دم الضحايا الليبيين.