لم أدرس الإعلام, ولم أتخصص بأحد بحوره الأكاديمية، التقلية منها والتجريبية، ولم أمتهن دور الصحفي أو المذيع أو حتى مقدم البرامج؛ لأنني أؤمن على الدوام بمنهجية (التخصص)، بل إنني أفخر وأعتز على الدوام بمهنتي كاختصاصي أول بعلوم التأهيل الطبي وبحصيلتي العلمية في الدراسات العليا من أرقى الجامعات العالمية في علم التأهيل الطبي والتخصص الدقيق في علاج الإصابات الرياضية، وتغمرني السعادة - بفضل الله - وأنا أقدم خلاصة مسيرتي العلمية والعملية في خدمة مرضاي وعلى وجه الخصوص ذوي الاحتياجات الخاصة منهم وبشكل يومي للعام السادس عشر على التوالي، العمل الذي يمنعني (احترامه) من السهر لأنصاف الليالي لمتابعة ما قيل أو يقال في البرامج الحوارية وغيرها التي تنقل أو تُشرح أو تُصرح بمنصوص العبدلله..!!
ولعلي أبدأ بكذا (تعريف) حتى أرفع الالتباس عمّن خلط بين دوري المجتمعي (اليومي) ودوري (كاتب رياضي) شغوف بالكتابة الرياضية، ممارس لها منذ أربعة عشر عاماً.. شأني في ذلك شأن الكثيرين من أصحاب (الرأي) ممن يؤمنون بأن الإعلام ليس مجرد مهنة؛ بل يرى في (فن الكتابة) هواية، تصقلها موهبة. وصاحب (الكلمة الحُرة) أديب، طيار كان أو مهندس أو طبيب، يمكن أن (يُتقن) أصول الكتابة في فن من الفنون ويُعينه في ذلك بناء (الشخصية الكتابية) إثر تفاعله مع الأحداث من حوله، فهو في مبتدأ القول ومنتهاه (إنسان) يحمل فكراً، يؤثر ويتأثر حتى تقوده موهبته إلى النجاح في أكثر من مجال.. ولنا في أعلام برزوا وأضحوا نبراساً في (الفكر) والتنوير ولم يقفزوا على (حواجز) التخصص..!!
هنا سأستشهد بمثال (وطني) واحد فقط، وأعلم أنه يُغني فيما وصل إليه في فنون الكتابة (الصحفية) والروائية عن مئات الألوف من الأمثلة لكُتاب ليسوا ممن درسوا أو تخصصوا في (الإعلام).. ألا وهو الراحل الكبير الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي - رحمه الله - خريج كلية (حقوق) جامعة القاهرة، وقد ترك - رحمه الله - إرثاً أدبياً كبيراً يُدرس اليوم في كُبريات كليات (الإعلام).. وهذا الاستشهاد ليس للتقرير بشرعية (الكتابة) لغير خريجي الإعلام في أي من مناحي الكتابة الأدبية منها والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية، بل هو (استنكار) بأن يُضيّع أحد من منسوبي الإعلام دوره الحقيقي لكشف الحقائق وتنوير (المجتمع) بالتهكم وقلب الحقائق في تملص واضح لمجاراة منثور صريح العبارة..!!
هنا لن أقول إن من بين مُقدمي البرامج الحوارية الرياضية في فضائنا الواسع من غدا كالغراب الذي أراد أن يقلد مِشية الحمامة، فأضاعهما معاً.. بل سأقول (بصريح العبارة) إن من سوّغ لنفسه (التي قد تأمره بالسوء) نقل الحقيقة (مجردة) فلا يسوغُ (لدوره الإعلامي الواعي) في ذِكرُ بعضها ويُهمل (جهلاً أو عمداً) أبغاضها الأُخر وعلى الهواء مباشرة.. ويزيد (الحشف وسوء الكيل) بالتهكم على (رأي) مُجرد رأي لم يُعجبه.. في منظر تشويه للرأي العام قبل ختام السهرة..!!
فالأخ مُقدم برنامج كورة على روتانا خليجية (تركي العجمة) اتصل بي من طرفه (شخص لا أعرفه) طالباً مداخلتي في البرنامج الذي رأيت بعض حلقاته ولم يُسعفني وقتي لمشاهدة الكثير من حلقاته، وكان الطلب يتمحور حول مقال الأسبوع المنصرم (لا.. لعودة التدميريين)، فقلتُ ضاحكاً ومرحباً يا أخي (المقال شارح نفسه)، فرد يسعدنا تداخلك، فرحبت به وبدعوته في مجاملة لا أنكرها؛ وأردف سنتصل عليك عند الحادية عشرة وخمسين دقيقة؛ ظللت (30 دقيقة) منتظراً، على الرغم من أنني قادم للتو من سفر بالجو.. وممتطٍ سيارتي برفقة عائلتي للسفر براً للطائف، وحين الاتصال طلبت (30 ثانية) للحديث في الجوال متوقفاً أمام (أعين ساهر)، لأفاجأ بقفل الخط، أعدت الاتصال في الفور برقم (الوسيط) الذي فاجأني في أقل من دقيقة أنه لا يوجد وقت يسمح بالحديث على الهواء..!!
ولأن سرد (التفاصيل) أحياناً (يقتل) صاحبه, ويبعث الملل للقارئ الكريم، فهكذا علمتني الكتابة، إلا أن (الحُرقة) التي أُصبت بها حين وصولي ومشاهدة (الإعادة) لن يُطفئ شيئاً منها غير سردها بصريح العبارة، لأقول للعجمة بلسان عربي مبين، قد أقبل (الخطأ الفني) في عدم تقدير الوقت، بل أجد في ذالكم العذر الكبير للبرنامج ومعديه ومقدمه.. لكن أن يُسرد على الهواء (سيناريو مفبرك) بأن يختزل من المقال مالا يُراد بثه، ويقُرأ بعض منه بطريقة (القص واللصق) ثم طلب التعليق من (الحضور) ممن استمعوا لعرض مقال (مبتور) داخل الاستديو؛ فذالكم العبث عينه.. بل ويتبعه (العجمة) بلغة (تهكمية) قائلاً.. هذا كلام كبير.. قاسٍ جداً.. من هم هؤلاء التدميريون لنُخرجهم من رياضتنا..!!
أقول للعجمة وظني فيه (جميل) إن أردت أن تُسلط الضوء على موضوع ما، وإن كان ظاهرة لك (عادي)، فلا يغب حِسك (الإعلامي) في أن هُناك أعين (مهنية) وغيرها مُحترفة وغير ذلك؛ وقبلها جميعاً عين من لا تخفى عليه خافية، وأن عليك إن أردت (الجُرأة) في الطرح، فليس عليك أن تبرح قناتك أو منبرك الذي تُمثله؛ حيث تجد المقدم الرائع الذي (خطف) الإعجاب والاحترام في آن واحد، الأستاذ علي العليان مقدم برنامج يا هلا، استفد من مهنيته العالية في طرح مواضيع غاية في الأهمية والمهنية والجرأة التي جعلت شعبيته في ازدياد مُطرد؛ تابعه وهو يناقش (كُتاب كبار)، وانظر كيف يُبرز مقالاتهم دون (تعطيل أو تحريف)، هادفاً للتنوير لا لمزيد من (التظليل) عبر استضافة (سلق بيض)، وأخذ ما يوافق (هوى) المقدم لتقديمه مُعلباً.. وكأن المتلقي لن يألوا جهداً في قراءة المقال (الحقيقي) من مصدره: الأمر الذي يجب أن يدرك معه الجميع - وأنا أولهم - أن (الكلمة) أمانة والحقيقة ستصل كاملة في زمن (التوتير) و(الفيس بوك) وأنا أخوك..!!
لأختم وبلا تهكم كما فعل (العجمة)؛ أنه يكفيني فخراً إشادة (كبار الاتحاديين) الذين ورد ذكرهم في المقال بما خطته (يمناي)، أما إن كنت في الوسط الإعلامي وأرهقك (الظهور الليلي) المتكرر لتعرف من هم التدميريون؟ فسل طالب (ثالثة ابتدائي) وكل مهتم بالشأن الرياضي لتعرفهم، وسل جمهور (الرُقي الأهلاوي) وسيجيبك أصغرهم من قال على الملأ: أتمنى تدمير الأهلي، هذا إن كُنت إعلامياً بحق وتحترم مهنتك وتقدرها وهذا أملي فيك، أما إن كنت ممن يتبعون (سكنْ.. تسلم) فاستمر على ما أنت عليه ولا تنسى بيت (سعد بن جذلان) الشهير:
وإذا كان همك بالزمن بس لقمتك
الفول بريالين والخبز بريال..!!