الصورة التي رسمها المواطنون بجميع أطيافهم وأعمارهم على طريق المطار للمشاركة في الاحتفاء بعودة خادم الحرمين الشريفين لبلاده سالماً معافىً بعد رحلته العلاجية الناجحة، شكّلت في مجملها لوحة جميلة من صور التلاحم بين القيادة والشعب. ففي مشهد مبهج - تناقلته القنوات الفضائية - اصطف مئات الشباب والرجال والنساء يلوّحون بالرايات الخضراء ترحيباً بقائدهم الذي بادلهم الحب بالحب. وهي مشاعر قلبية صادقة غلب عليها التلقائية والعفوية، ولا غرو في ذلك فعبد الله بن عبد العزيز - ملك القلوب - هو بطبيعته عفوي تلقائي تنبض كلماته دائماً بصدق ودفء المشاعر بعيداً عن التكلّف أيضاً وسرعان ما تترجم تلك المشاعر لأفعال وقرارات يكون لها الأثر المباشر في تلبية احتياجات شعبه. وما حزمة القرارات والأوامر الملكية التي أصدرها - رعاه الله - عندما وطأت قدماه أرض الوطن وأسعدت الجميع إلا دليل دامغ على منهجيته الواضحة في حب وطنه ومواطنيه. فقد جاءت تلك القرارات لتصب في نفع المواطن، حيث ركّزت على الجوانب الاقتصادية التي تعزّز رفاهية المواطن.
حب الوطن والمواطن ليس شعارات تردد أو ترهات يُتشدّق بها لذر الرماد في عيون الشعوب، حب الوطن والمواطن هو مشاعر قلبية صادقة تُترجم لقرارات وأفعال تكون بمثابة قوة ضامنة لترسيخ مفهوم المواطنة. فالمواطنة كالشجرة التي يتشارك في غرسها القيادة والشعب على أرض الوطن ويتكفّل بالحفاظ عليها أفراد الشعب بالولاء والإخلاص في العمل وتسقيها القيادة بالأفعال والمبادرات والرؤى التي تعزّز تجذرها وصلابة عودها لتصمد أمام الرياح العاتية ليستظل الجميع بظلها الوارف.
وقيادة المملكة العربية السعودية عملت منذ تأسس هذه المملكة الغالية - على يد المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - على هذا المنهج، الأمر الذي مكّنها - ولله الحمد - من العبور بشعبها لبر الأمان في أحداث تاريخية مفصلية هزّت كيان الأمة العربية والإسلامية في العصر الحديث ولا سيما ما حدث في منطقة الخليج إبان غزو العراق لدولة الكويت وما نتج عنه من تبعات، وقد تجاوزتها المملكة بترسيخ وشائج التلاحم بين القيادة والشعب. وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز زادت شجرة المواطنة في تجذّرها وآتت أُكلها ضعفين، حيث تعهدها - حفظه الله - بسقيها من ساعده الطاهر فبادلته الأرض ومَن عليها حباً بحب رأيناه بأنفسنا قبل أحداقنا عندما أهل عليها عائداً بسلام.
حمداً لله على سلامة ملك القلوب والإنسانية وعودته لأرض وطنه سالماً معافىً، وحفظ الله بلادنا وقادتنا من كل مكروه.
د. فيحان بن دعيج العتيبي
f_alotaibi@yahoo.com