نجران - خاص بـ(الجزيرة)
أكد باحث إسلامي أن من أعظم صفات من يتصدى لإفتاء الناس، وإجابتهم على تساؤلاتهم، معرفة مقاصد الشريعة، والنظر في مآلات الفتوى، ومعرفة أحوال الناس، وتقدير احتياجاتهم، وهذا أولى مهمات الداعية والمفتي حتى لا يقع في مزالق الفتوى، مؤكداً أن للسؤال أهمية عظمى في حياة المسلم ليعبد الله على بصيرة وعلم، وهو متوجه لأهل العلم والفتيا، فهم مرجع الناس كما هي دلالة الكتاب والسنة، وعلى المسلم السؤال عما يستقيم به دينه، وتصلح به حاله، مع البعد عن الأسئلة المتكلفة والتي لا ينفعه العلم بها، ولا يضره الجهل بها.
جاء ذلك في رسالة علمية حصلت «الجزيرة» على نسخة منها، ونال بها الباحث على رسالة الماجستير للشيخ طالب بن أحمد الهمامي بعنوان: (هدي النبي صلى الله عليه وسلم في إجابة السائلين وأثره على المدعوين).
وبين أن إجابة النبي صلى الله عليه وسلم للسائلين امتازت بخصائص لم تكن في كلام غيره من البشر، من إجابة السائل بأكثر مما سأله عنه، وإجابته بأهم مما سأل عنه، وتكرار الجواب له، والتأكد من مراده، وتشجيع السائل وعدم تنفيره، والرفق به وعدم تعنيفه، وغيرها من الخصائص التي ذكرت في ثنايا هذه الرسالة.
وقال الباحث الهمامي: إن الأسلوب الدعوي المناسب لحال المدعو، له أثره في قلوب السائلين والمدعوين، وهو ما ظهر من خلال الشواهد في هذه الرسالة، والأسلوب النبوي امتاز بعدة خصائص جعلته يكتسب الأثر البالغ في نفوس المدعوين، فحري بالدعاة أن يقتفوا هديه -صلى الله عليه وسلم- في هذه الأساليب، فجمال الأسلوب وحسنه مفتاح للقلوب الغلف، والآذان الصم.
وأهاب بالدعاة والمفتين اجتناب الهوى المخالف لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومن لم يلتزم بهديه عليه السلام في إجابة السائلين، فالواجب كفه عن الفتيا وإجابة الناس، وهذا من أوجب ما يقوم به ولاة أمر المسلمين، مشدداً على أن كل فتوى خالفت هدي النبي صلى الله عليه وسلم الواجب التحذير منها، وتوجيه الناس للتمسك بهدي الكتاب والسنة في الفتوى، وإصدار الأحكام، وأن مروجي الفتاوى الشاذة، خطرهم على الأمة الإسلامية عظيم لتعدي ذلك إلى مجموع الأمة كلها.
وأوصى الباحث بالاهتمام بموضوع «الهدي النبوي في إجابة السائلين وأثره على المدعوين» في مجال الدراسات العليا، والبحوث العلمية، وجعله مادة مقررة في الكليات الشرعية لتدريس الفتيا وآدابها، وصفات من يتصدرون لها.
واقترح أن يعين في كل قطر من أقطار العالم الإسلامي مفتين أو دعاة مرجعهم العلماء الكبار في الأمة، لاستشارتهم في النوازل والأمور المستجدة، وعدم التفرد بالرأي في المسائل المصيرية، منوهاً إلى أهمية الحرص على الفتوى الجماعية، ففيها السلامة غالباً بإذن الله، وخاصة في نوازل العصر ومستجدات الأحداث، والتشاور المستمر بين العلماء والدعاة؛ وذلك بعقد المؤتمرات والملتقيات التي تسهم في التقليل من الفتاوى الشاذة.
وشدد الباحث على دور العلماء في مناصحة من شذ برأي مخالف لا يعضده الدليل، أو كان لفتواه ضرر على الأمة، ولم ينظر إلى مآلاتها، وتذكيره بخطورة مثل هذه الفتاوى على الأمة، ونصحه باللين والصبر والحكمة، فلم يزل العلماء في القديم والحديث يقيمون المناظرات لهذا الشأن. الجدير بالذكر أن عدد صفحات البحث بلغت (260) من الحجم الكبير، تضمن أربعة فصول مقسمة إلى عدة مباحث ومطالب.