انبهرت ذات مرة وأنا أتبعض من إحدى الصيدليات أثناء مناقشتي وحواري مع البائع (وافد) عن بعض المعلومات التي تتعلق بالثقافة العامة التي يمتلكها أكثرنا، وكان الحديث منه والإنصات مني وطال ذلك وبعد أن فرغت من غرضي وخرجت تساءلت مع نفسي وقلت ما الفرق بينه وبين الشاب والمواطن الذي درس وتعلم وتخرج من هنا؟ وما هي الخبرة التي يمتلكها هذا الوافد سوى معرفة الدواء وتقديم وصفته ورسمه على الزجاجة أو الكرتون؟ ولماذا نحن مازلنا معتمدون على تلك العمالة مع ازدياد عدد ونسبة الخريجين؟ هل هو تعودنا على أنه لا نحب ولا نرغب في أن نرى في الصيدليات سوى تلك العمالة هل هو إدمان سلوك جماعي؟ أم ماذا؟
أيها الأعزاء:
الصيدليات مهنة كأي مهنة ليس بالضروري أن يكون البائع مبتكرا أو خبيرا أو مخترعا أو كيميائيا بحتا بل يكفي أن يكون ملماً بأسماء الأدوية وأنواعها ، يعني بالفم المليان فقط (خريج كلية متخصصة في الصيدلة) وهم لدينا كثر والحمد لله منها القسم الأهلي والأخرى حكومي فلماذا لا نراهم أمامنا في كل صيدلية؟ إن نحن استمررنا على ذلك واستحللناه فسيصبح إحلال السعودي مع الزمن صعباً بل قد يكون مستحيلاً بسبب ضعف الثقة التي يمتنع التاجر من وهبها لابن البلد وهذا سيكون له انعكاسات بعيدة المدى وواسعة التأثير.
هناك حلول واتجاهات قد تخدم في التعامل مع هذه المعضلة وهي تتلخص في التالي:
1 - حصر الصيدليات الموجودة في مدينة من المدن.
2 - معرفة كم من العاملين الذين يعملون بها.
3 - أعداد الخريجين لشغل تلك الوظائف.
4 - رفع سقف المرتبات والميزات بالتعاون مع أحد الصناديق والمراكز الحكومية كدفع راتب مماثل له.
5 - وضع نظام يحفظ للموظف حقه إما عن طريق وزارة الصحة أو التأمينات.
6 - تقسيم فترات الدوام لتصبح ثلاث بدلاً من اثنين حتى يكون (كل شفت ثمان ساعات).
7 - عند وجود عراقيل لتنفيذ مثل هذا المقترح يمكن الخريج من أخذ قرض للقيام بذلك.
ليس بالضرورة أن نقوم بحلول خيالية لتحويل الأمر من حال إلى حال، فقط نحن نحتاج لرغبة صادقة واستشعار متعاطف من المسؤول لتنفيذ المقترحات والتوصيات والحلول، لأن الأمر بدأ في التصاعد وأذاه آخذ في التشعب والانتشار والحياة بظروفها القاهرة تزداد تعقيداً وأسى في وجه الخريج مما يحتم على كل منا تقديم أفضل مالديه من الحلول والمعالجات حتى نلملم المفترق ونجمعه.
هل يكفي أن نقول إن لدينا بطالة كأي دولة في العالم ونكتفي بتلك الجملة؟ يا أخي نعم كل بلدان العالم لديها بطالة وتشتكي من لوعتها ولا يمكن لأية دولة توظيف كل خريجها والزج بهم في دوائرها الحكومية، ولكن نحن لسنا نعادل نسبة السكان في تلك الدول والبلدان، انظر في عدد الوافدين لدينا وماهي المهن التي يشغلونها ويعملون بها حتى نعلم أن كثيرا منهم لا حاجة لنا به سوى الغثاء؟ كثير منهم (لا مهنة له) فقط أتى يترزق الله ويضرب بابه هنا ونحن متفرجون منبهرون حتى (الشحاذة المدروسة) هنا لها روادها وممتهنوها.
مشاكلنا نحن المسؤولون عن معالجتها بالفكر والدراسة والتحليل والتنفيذ، لا أحد غيرنا فهل نتدارك ما مضى ونقوم بالمواجهة الواضحة والقوية التي تعمم البسمة في شفاه كل مواطن وخريج، نتمنى ذلك.