«على كل مسؤول في الدولة أن يكون منصفاً وشفافاً تجاه المجتمع وإلا فسيعتبر غير مصون للأمانة الموكلة إليه، ومن هنا فليذهب للجلوس والراحة في بيته أفضل له بكثير».
هذا القول ليس لي، بل هو لرئيس ديوان المظالم الشيخ إبراهيم الحقيل... وهو قول نحتاج أن نذكّر به خاصة في هذه الأيام التي كثرت فيها القلاقل والاحتجاجات والتظاهرات التي وصلت في كثير من الدول العربية إلى المطالبة بتغيير النظام والحكومات ومحاسبة الفاسدين والمقصرين في أعمالهم.
والفساد هنا ليس فقط في اختلاس ونهب المال العام من خلال نسب العمولات على المناقصات وعلى ما يخصص من مشاريع، بل هناك ما هو أبشع وأفظع من الفساد المالي، وهو الفساد السياسي والإداري، وهما السبب المباشر أو اللذان يوصلان مؤسسات الدولة والمسؤولين وحتى الموظفين الصغار إلى أتون ومستنقع الفساد المالي؛ فسوء الإدارة المبني على اختيارات غير مناسبة المبنية على أسس غير علمية؛ فلا تتعدى تلك الخيارات على العلاقات الثنائية والواسطة وغيرها من الأساليب الملتوية التي أعاقت برامج التنمية في كثير من البلدان التي تعاني من الفساد السياسي.
والفساد السياسي الذي يقود إلى الفساد المالي ثم يدمر الدول والأنظمة والحكومات لما يوجده من أعباء لا تتحملها الدول، فتسقط الأنظمة والحكومات التي لا تستطيع تلبية رغبات مواطنيها وخدمتهم. يبدأ هذا الفساد بوضع المسؤولين في تسيير شؤون الدولة في غير المواضع المناسبة، فتتخبط الإدارة لانعدام التوجيه السياسي السليم.
ولهذا، ولمعالجة كل هذا، بل ولاستسباق مثل هذا التخريب يجب أن يكون اختيار المسؤول متوافقاً مع ما يوكل إليه من أعمال، وأن يكون أميناً صادقاً، يستشعر المسؤولية الملقاة على عاتقه، وأن يكون شفافاً مع المجتمع أو مع الفئات التي يتعامل معها، وأن يكون عفيفاً ونظيفاً لا يبيع شرفه ولا أمانته بمال أو جاه. وهكذا نمنع الفساد من أن يستشري بيننا.