من نِعم الله على هذا الجيل أن الطب الحديث نجح في تطوير مؤشرات يمكن قياسها بأجهزة رقمية دقيقة تعكس الحالة الصحية للإنسان، وتكشف على نحو مسبق المخاطر الصحية والأمراض المُحتملة، ومن أهمها مؤشرات وأجهزة قياس معدل درجة الحرارة وضغط الدم ومستوى السكر والدهون.
ومن نِعم الله على القائمين على شؤون الأوطان أن العلم الحديث طوَّر أيضًا عددًا من المؤشرات الرقمية التي تعكس بصورة دقيقة الحالة الصحية للدولة، وتكشف على نحو مُسبق المخاطر المُحتملة مما يوفر مساحة زمنية كافية للوقاية منها.
ومن أهم تلك المؤشرات مقياس مُعدل البطالة، ومؤشر النمو الاقتصادي ومؤشر مستوى التضخم. مُشكلة هذه المؤشرات أنها تُعد على المستوى القومي من قبل أجهزة حكومية تكون خاضعة في الغالب لتأثير الجهات المسؤولة عن العوامل التي تخضع للقياس، الأمر الذي يجعلها مُعرضة للتلاعب بما يُخفف من مسؤولية تلك الجهات.
ولا شك أن أهمية تلك المؤشرات تكمن في درجة مصداقيتها، بل إنها ما لم تكن دقيقة فإن ضررها يكون أكثر من نفعها.
وعلى سبيل المُقارنة يستطيع الطبيب أن يوهم المريض أن درجة حرارته أصبحت طبيعية من أجل تبرير تقاضيه فاتورة العلاج، ولكن ذلك لا يعني شِفاء المريض.
في الاتحاد السوفيتي كانت المؤشرات الاقتصادية تُظهر النمو والاستقرار، ولكنها كانت أرقامًا مُصطنعة. وهناك من يُشكك في أن أرقام مُعدلات النمو والبطالة الرسمية في كل من تونس ومصر لم تكن دقيقة. ومن حسن الحظ يوجد مؤشر آخر لا يقل أهمية عن تلك المؤشرات في بيان الحالة الراهنة ولكنه يتميز عنها في كونه مبنيًا على آليات إلكترونية تستعصي على التلاعب ويُنشر على نحو مُباشر ويفهمه الجميع وليس المختصين فقط، كما هو الشأن في المؤشرات الأخرى. ذلك هو مؤشر سوق الأسهم في الدولة الذي يُوضح مُعدل أسعار أسهم الشركات المُدرجة فيه، وهي في الغالب تُمثل كل القطاعات الاقتصادية الرئيسة في الدولة، ولذا يعكس هذا المؤشر الظروف والعوامل الداخلية والخارجية المحيطة بالسوق مثل معدل أرباح الشركات، ومدى اطمئنان المستثمر إلى كفاءة وعدالة آليات تطبيق القانون في السوق، ومدى ثقته في كفاءة إدارة الاقتصاد الكلي، أخيرًا مدى اطمئنانه إلى سلامة الأوضاع الداخلية والخارجية على وجه العموم.
خلال الفترة الماضية شهدت النتائج المالية السنوية للشركات المُدرجة نموًا عاليًا مُقارنة بالعام الأسبق تجاوز الثلاثين بالمائة كما أن كل الدلائل تُشير إلى استمرار ارتفاع الإنفاق الحكومي وتحسن الاقتصاد الكلي. ولذا فإن من المأمول أن ينعكس ذلك إيجابيًا على هذا المؤشر.