أبتدئ مقالي بمثل شعبي بسيط لكنه عميق الدلالة وهو (من أحبه الله أحبه الناس) إذ لا يوجد تفسير واضح للحب الكبير الذي يتمتع به الملك عبد الله في قلوب أبناء شعبه إلا حب الله له الذي انعكس في قلوب البشر.
صحيح أنه أعطى لشعبه بكل صدق وإخلاص وتفان وصحيح أنه حقق من المنجزات ما كان يعد أحلاماً في مخيلة الكثيرين لم يكونوا يتصورون تحققها وصحيح أنه قريب من أبناء شعبه وحاضر معهم في آمالهم ومواسياً لآلامهم لكن حبهم له تجاوز كل ذلك.
هناك ألقاب يحوزها الكثير من القادة والساسة بصيغ رسمية لكن ما حازه الملك عبد الله كان شعبياً وعفوياً ومن الناس؛ ففي حين أطلق عليه ملك الإنسانية بإجماع عالمي لكن شعبه سماه ملك القلوب بلا فرض ولا توجيه، لقد كان لقباً نابعاً من أوساط الشعب ومتداولاً بينهم حتى أصبح مسمى لخادم الحرمين عند أبناء شعبه الذين أحبهم فأحبوه.
واليوم هاهو يعود سليماً معافى بفضل الله إلى أوساط شعبه وبين ذويه ومحبيه وأسرته السعودية متمثلة بكل أسرة من أقصى الوطن إلى أقصاه لتكتمل الفرحة التي عمت كل الأرجاء بخبر تماثله للشفاء ونجاح العملية التي أجريت له.
لقد تجاوزت الفرحة بعودة خادم الحرمين كل مفردات المجاملة المعتادة في مثل هذه المناسبات إلى حد أن يتقدم أفراد إلى التبرع بأعضاء من أجسادهم لمن يحتاجونها شكراً لله بعودة خادم الحرمين فها هو مواطن يعلن التبرع بإحدى كليتيه لمن يحتاجها كمؤشر للكثيرين الذين أرخصوا كل غال للتعبير عن حبهم لمليكهم.
يعود خادم الحرمين بعد ترقب وانتظار ظللنا معه نعد الساعات وليس الأيام والليالي في انتظار هذه العودة الميمونة وظل هو حاضر معنا يحرص على التواصل معنا مطمئناً من امتلاء قلبه بحبهم وأيقن أنهم يبادلونه المثل من الحب ليعود فتنطلق الفرحة من عقالها وتنطلق الألسنة لاهجة بعبارات الترحيب والولاء للمليك والأب الأخ والقائد.
إن مثل هذا الحب الكبير لا يشترى بكل كنوز الدنيا ومقدراتها لكنه يناله المخلص الوفي والصادق مع أبناء شعبه وأمته فنحن حينما انتظرنا عودة ملك القلوب لم ننتظر عودة منفعة فقد نلناها وكل يوم ننالها في ظل حكمه الميمون لكنها عودة حبيب لكل القلوب، وإذا كنا نحن الكبار نمتلك الوعي الكافي لكي نحب ونبغض لكن الأطفال بكل براءتهم وطهرهم أحبوك يا ملك القلوب ولا نمتلك تفسيراً لمحبتهم وتعلقهم بك إلا حب الله لك لأنك صدقت الله فيما ائتمنك عليه ووفيت بعهدك لأبناء شعبك وخشيت الله عن حب له فأحبك وحببك إلى خلقه.
لست أنسى يا ملك القلوب عباراتك الصادقة وأنت تخاطب أخا لك من أبناء شعبك أجلك فناداك بلقب السيادة قلت له (أنا أخوك ولست سيدك) تلك العبارة التي لم تكن موجهة إليه وحده ولكنها كانت موجهة لكل أبناء شعبك بأنكم أخوهم بكل حدب الأخ وحرصه على إخوانه.
ولن ينسى لك التاريخ يا ملك القلوب مبادراتك الإنسانية للحوار بين بني البشر الذين أهلكتهم الحروب وسادت فيما بينهم روح الكراهية فدعوتهم إلى الحوار الذي يقرب الإنسان من أخيه الإنسان بغض النظر عن دينه وجنسه وموطنه وهو أعظم تجسيد لسماحة الإسلام الذي تمثلته وقدمته إلى العالم بعيداً عن مزايدات المتطرفين والمغالين الذين أضروا أكثر مما نفعوا وهم كثر في كل الديانات وبين كل الأقوام. ولن ينسى لك التاريخ يا ملك القلوب وأنت تطلق مبادرتك من أجل طاقة الفقراء وحقهم في الحصول على الطاقة لتنمية بلدانهم بيسر وفي حدود مقدرتهم لكي يسود الأمن والسلام والتنمية ربوع كوكبنا الأرضي.
أما عن أمتك العربية وعالمك الإسلامي يا ملك القلوب فمواقفك أشمل وأكثر من أن تحصى ولذا لا غرابة أن يحبك الكثير ويفرح بشفائك كل عربي وكل مسلم بل وكل إنسان عرفك أياً كان موطنه في كوكب الأرض.
فحمداً لمن عافاك وردك إلينا سليماً معافى ودمت يا ملك القلوب حبيباً لكل أبناء شعبك وذخراً لكل أبناء أمتك ونبراساً إنسانياً يقتدى به ويتطلع إليه كل الناس في شتى أنحاء العالم.. ومرحى ألف مرحى بعودتك.
محمد الحماد -- رئيس مجلس إدارة مجموعة البيان القابضة