ظل المجتمع السعودي دوماً وفياً لثوابته ومبادئه الدينية والإنسانية منذ أن وحَّد جلالة المؤسس الملك عبدالعزيز - طيَّب الله ثراه - هذه البلاد أرضاً وإنساناً ووجداناً، ليكون الترابط عنواناً وأساساً، فالعلاقة بين قادة هذه البلاد وأبنائها متينة، بل إن المجتمع السعودي حالة إنسانية فريدة في التواد والترابط والتلاحم.
وعندما كان سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يقوم بزياراته وجولاته متفقداً أبناءه وإخوانه وأخواته من المواطنين كان يُجسِّد هذه اللُحمة التي ما انفك يحرص عليها دوماً ويُذكِّر أبناءه المواطنين بها، بل إنه في ساعات الشدائد التي مرَّت بها بلادنا قبل سنوات كان سيدي خادم الحرمين الشريفين يحرص على التذكير بها وجعلها قوة لتلاحم أبناء هذا المجتمع والوطن، وهذه نبذة تحدث عنها الكثيرون وأبرزها المراقبون عن الملك عبدالله.
وعندما وصف - حفظه الله - بأنه رجل الحوار والتواصل الإنساني قبل أن يكون قائد المسيرة والتنمية وراعياً لقافلة التطور والتقدم ومؤسس النهضة السعودية الشاملة فقد كان كل ذلك تجسيداً لصفات القيادة التي وهبها الله له، وظلت حاضرة دوماً في قراراته ومبادراته وإنجازاته.
ولعل أبسط مثال على ذلك عندما تعرض الملك عبدالله للعارض الصحي قبل شهرين، مباشرة اتجه إلى أبنائه وبناته المواطنين يتحدث إليهم بأبوة حانية عما يعانيه من عارض مطمئناً الجميع على حالته بلغة أبوية بسيطة، وكأنه يتحدث إلى أسرته ليجعل جميع أبناء الشعب السعودي أسرة له. كان ذلك الحديث الأبوي الذي بُث على شاشات التلفزة المحلية والإقليمية والدولية ظاهرة جديدة لم يألفها الناس.
كان ذلك مثار دهشة وإعجاب داخلياً وخارجياً ربما تكون المرة الأولى التي يتجه فيها قائد كبير إلى مواطنيه يطمئنهم أولاً بأول عن حالته الصحية بكل أريحية وسماحة نفس.
أراد الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يحفظه الله- بذلك أن يقول لمن يجهل ثوابتنا ومبادئنا وأعرافنا إن هذه هي المملكة العربية السعودية.. هذا هو الوطن الذي قامت لُحمته على المحبة والتواصل بين أبنائه جميعاً يرعى كل ذلك قائد عظيم حرص دائماً على مكانة بلاده ورقي شعبه وتواصل مسيرة تطوره وتقدمه.
مسيرة الحوار الوطني التي أسسها ورعاها سيدي خادم الحرمين الشريفين واحدة من المبادرات الكبيرة التي شهدتها بلادنا وهي ثقافة جديدة أوجدها الملك عبدالله داخل المجتمع السعودي، لتأسيس مرحلة وعي حقيقي بالحوار بين كافة الأطياف يقوم على الاحترام والالتزام الكامل بالمبادئ والأسس التي قامت عليها البلاد مع الذهاب بالتطلعات نحو إقامة التطور الذي ننشده جميعاً.
الملك عبدالله لم يكن قائداً عادياً، لذلك فالاهتمام الكبير والمتواصل معه لم يكن عادياً أيضاً، فهذا الحرص الذي نشهده من المواطنين والتفاعل مع خادم الحرمين، وهو يواصل رحلة الاستشفاء في الخارج لم يأت من فراغ بل إنه نتيجة طبيعية لمرحلة أسس لها الملك عبدالله كان عنوانها التواد والتراحم والتواصل الإنساني. هكذا شاهدنا وشهدنا اهتمام وتفاعل المواطنين مع المليك، وهو في رحلته العلاجية، فقد كان حاضراً في وجدان وعقول مواطنيه، وسيظل كذلك.
أبا متعب قلوبنا معك بالعودة الميمونة لأهلك وأبنائك وبناتك أباً وقائداً وملكاً عزيزاً، ونسأل المولى عز وجل أن يلبسك سيدي خادم الحرمين الشريفين ثياب الصحة والعافية، اللهم آمين.