عندما يعجز المرء عن إنجاز المهمة التي أوكل إليه تنفيذها، فخير له أن يعتذر عن البقاء في منصبه ويتقدم لولي الأمر بطلب الإعفاء، لأنه لم يستطع أن يحقق آمال وطموحات ولي الأمر.
إن كانت هناك أسباب ومعوقات فوق قدرته فعليه أن يشرحها ويوضحها لمن اختاره لهذه المهمة، وأن يكون أميناً وصادقاً مع نفسه أولاً، ثم مع من اختاره لتنفيذ ما أوكل إليه.
إن سهّلت الإجراءات وأزيلت المعوقات وأتيح له أن ينفذ البرامج التي تؤدي إلى تحقيق الأهداف التي من أجلها انتدب لها، فسيكون خير معين لولي الأمر.
أما أن يصمت ويستمرئ دفء الكرسي ووجاهة المنصب، فهذا نوع من السقوط في إرضاء الذات على حساب الوطن والمواطن.
قلة هم الذين وصلوا إلى هذه القناعة وفضلوا مواجهة الموقف بشجاعة، فاعتذروا بشرف وصدق ووجدوا التقدير والاحترام من ولي الأمر، ومع أن هذا الأمر لم يحصل كثيراً سوى من عدد قليل وقليل جداً (أعرف بعضاً منهم ولا أريد ذكرهم لأنهم هم أصلاً لا يريدون ذلك)، فهذا جزء هام من تكوينهم الفكري والسلوكي الذي يفترض أن يكون قاعدة النهج الفكري والسلوكي للإنسان وليس فعل الندرة.
صحيح أن للمنصب إغراء، وللكرسي علاقة محببة بجسد من يشغله، إلا أن التاريخ وحتى السيرة لما فعله وما قام به وما أنجزه ذلك الوزير أو ذاك المسؤول فهي سيرة لا ترحم من لم يقدم شيئاً، ولم يحصل من وراء منصبه سوى لقب «سابق».
أن يكون الإنسان صادقاً وأميناً مع نفسه، قبل أن يحاسبه الآخرون، فهذه سمة تغيب عن الكثيرين ولا يتذكرونها إلا بعد أن يغادروا كراسيهم.