يحكي أحدهم قائلا جلست مهموماً محزوناً على مقعد حجري على شاطئ البحر أتفكر في حالي وما آل إليه وقد توقف نشاط الشركة التي أعمل بها وانضممت لطابور العاطلين إنذار بالرفد من كليتي لأنني لم أعد أهتم برسالة الدكتوراه التي بذلت فيها مجهودا لمدة ست سنوات وزوجتي حامل في شهرها الأخير ولا أعرف من أين أحصل على مصاريف الولادة وسوف تبدأ الدراسة وأولادي يحتاجون لمصاريف بدء العام الدراسي وحجزاً قضائياً على شقتي لأنني لم أسدد أقساطها منذ شهور والذي زاد إحساسي بالألم أنني فقط من عدة شهور كنت في قمة النجاح، ولكنني أثناء جلوسي لاحظت أمرا في منتهى الغرابة!! فعلى الطرف الآخر من المقعد الحجري جلس ساعي بريد يبدو عليه البشر والسرور وقد فتح حقيبته التي تحتوي على الخطابات ينظر إلى المارين بالشاطئ بابتسامة ومن جاء إليه أدخل يده في حقيبته وأخذ منها خطابا أو اثنين أو أكثر ثم يعطيهم له.. هكذا..!! بدون حتى أن يعرف اسمه أو أن يتأكد أن هذه الخطابات خاصة بالرجل.. واستمر ساعي البريد يوزع الخطابات بهذا الشكل الغريب وأنا أنظر إليه بدهشة حتى فرغت حقيبته فابتسم براحة ثم أغلق حقيبته ومضى!؟ فقلت في نفسي حتماً إن هذا الرجل مجنون.. وإنه سوف يفصل من عمله لينضم معي لطابور العاطلين.. وأثناء تفكيري في هذا الرجل توقف أمامي أحد المارين وهو شيخ كبير يبدو عليه الحكمة وقد لاحظ استغرابي الشديد من تصرف ساعي البريد وسألني: هل تعرف من كان يجلس بجانبك؟ فقلت له بسرعة: أعتقد أنه رجل مجنون. فرد علي وهو ينظر لي بشفقة: لا إنه الحظ يعطي كل من يقبل عليه نصيبه من الفرص الجيدة.. ولكنك حتى لم تكلف نفسك لتسأله عمن يكون مع أنه كان يجلس بجانبك.
«كثيراً ما تشغلنا الهموم وعكوفنا على ذاتنا لتجرع الألم على ملاحظة الفرص التي أمامنا والقاعدة التي تقدونا إلى النجاح هي لا تهتم بما ألم بك (ولكن خذ منه العبرة والعظة) ولكن فكر دائماً بما أنت فاعله للوصول إلى النجاح».