|
اطلعت على تصريح معالي الأمين العام لمجلس الشورى -وفقه الله- حول ما نشر في الصحف مؤخرا عن ما تم من مناقشات تحت قبة المجلس في جلسته العادية الثامنة التي عقدت يوم الاثنين 25ربيع الأول 1432هـ. وقد شارك في حضور الجلسة جمع من الصحفيين مندوبي الصحف لدى المجلس. ونظرا لأن ما سبق أن نشرته الصحف حول الخدمات الصحية حرر من قبل الصحفيين المشاركين في الاستماع ومشاهدة مداولات الجلسة, فقد كنت أتمنى أن معالي الأمين العام لم يتسرع بهذه الطريقة ويزج باسمي شخصياً في تصريحه بخطاب لم يكن من الحكمة أن يصدر من المجلس لما تضمنه من معلومات من غير المناسب أن يذكرها لما فيها من تناقض وما فيها من تأكيد على بعد هذا الخطاب عن واقع الشئون الصحية التي تم النقاش حولها في المجلس.
وإن هذه الطريقة في عرض الموضوع واختصاره من قبل معالي الأمين لعام لمجلس الشورى من شأنها أن تشكل معوقا في وجه من يبادر من أعضاء مجلس الشورى بأداء واجبه الوطني الذي من أجله في رقابنا قسم عظيم لولاة أمر بلادنا - حفظهم الله.
وبهذا الاختصار المخل حول ما تقدمت به وما دار في الجلسة المفتوحة من نقاش فإنني أخشى أن تتضرر مشاريع أخرى تقدمت بها إلى المجلس الموقر وتقدم بها غيري تحقيقا ووفاء لقسم نعتز به.
وتجدر الإشارة إلى عدة مشروعات تقدمت بها وهي حاليا في أروقة المجلس متمنيا أن لا تختزل بهذه الطريقة, أملا في التعجيل بعرضها ومناقشتها تحت قبة المجلس الموقر. ومنها مشروع تعديل على نظام العمل الذي يهدف إلى الحد من البطالة والحد من الاستقدام وتحسين بيئات العمل في بلادنا؛ ومشروع آخر مقترح لتعديل نظام النقل بما يهدف إلى تحسين أوضاع سيارات الأجرة الصغيرة بما يليق ببلادنا الغالية ومجتمعنا الكريم ويوفر فرصا وظيفية للسعوديين, وكذلك مشروع آخر بالمشاركة مع زميلين كريمين لاقتراح زيادة سنوية لمتقاعدي الحكومة مدنيين وعسكريين.
ولما تقدم، فإن من غير المنصف للمجتمع وللمجلس أن لا يتم الإيضاح وعرض الأمور بشفافية ومصداقية؛ وأوضح الآتي:
أولاً: إن المشروع الذي تقدمت به للمجلس قد اجتاز المراحل النظامية والشكلية لعرضه وقبوله حيث أوصت إدارة المستشارين باكتماله وقبول مناقشته للملاءمة.
ثانياً: اختصر معالي الأمين -وفقه الله- مشروع دراستي ومقترحي مما أخل بها وبما من شأنه إيجاد لبس كبير غير مبرر. وحتى في شأن توصيتي وهو نص قانوني مفترض ومحدد لا يقبل الاختصار في مثل هذه المداولات حيث قال معاليه: «إن المجلس صوت بعدم الموافقة على ملاءمة دراسة اقتراح اللواء محمد أبو ساق الذي يهدف إلى استحداث مادة جديدة في النظام الصحي تقضي بقصر الخدمات الصحية الحكومية على المواطنين، وإلغاء مراكز الأعمال المختصة بالعلاج الخاص في هذه الجهات». وفي هذا أوضح إنني تقدمت بدراسة متكاملة ومجازة قانونيا للعرض على المجلس وقد تضمنت مادة جديدة في ثلاث فقرات حسب النص الآتي:
- مادة جديدة:
أ- تخصص كامل الرعاية الصحية في المستشفيات والمراكز التابعة لوزارة الصحة وللقطاعات العسكرية لعلاج المواطنين والمنسوبين دون مقابل مالي؛ ولا يجوز تحويل بعض الأقسام أو المجهودات الطبية إلى مراكز تجارية تقدم الرعاية الصحية بمقابل مالي».
ب- في حال توافر فائض في الخدمات الصحية المقدمة في المستشفيات ومراكز العلاج العسكرية فيتم تخصيص ذلك لصالح المواطنين دون مقابل مالي؛ وتوضح اللائحة كيفية تنفيذ ذلك.
ج- يتولى مجلس الخدمات الصحية وضع الإجراءات الكفيلة بتحقيق ما ورد في البندين (أ و ب) أعلاه». انتهى نص المادة المقترحة.
وهنا يتضح مقصدي والفرق بين ما تضمنه التصريح وواقع ما تقدمت به.
ثالثاً: ذكر معالي الأمين الآتي: «أن مراكز الأعمال في المستشفيات الحكومية أنشئت وفق عملية تنظيمية محضة من خلال قرار إداري، وتم إيقافها في عدد من المستشفيات بقرار إداري، وبالتالي فإن الأمر محكوم بعملية إدارية». وفي هذا النص اختصار لما تضمنه ملف دراسة المشروع المقترح. وهذا أيضا يثبت الحاجة الملحة لإيجاد حكم نظامي يصاغ في مادة صريحة تمنع التصرف في شئون الوزارة بهذه البساطة. حيث تم افتتاح مراكز الأعمال بقرار إداري كما أشار معاليه؛ ثم ثبت فشلها وتم إلغاؤها بقرار إداري مما يتيح المجال لإدارة أخرى أن تعيد فتح هذه المراكز ثم تقفلها كما تشاء دون مراعاة لما لذلك من تبعات كبيرة يتضرر منها المجتمع وتتحمل فيها الحكومة خسائر مادية أيضا. وأستغرب كيف غاب على معالي الأمين أن بيع الخدمة الصحية على المواطنين مخالف للمادة السابعة والعشرين والمادة الحادية والثلاثين من النظام الأساسي للحكم؛ وبالتالي، فإن المراكز التجارية في المستشفيات الحكومية ستظل غير نظامية حتى يتم تعديل نظام الصحة بأحكام آمرة.
رابعاً: إذا كانت المشاريع والدراسات تتم كما أشار إليه معالي الأمين فإنه يدل على أن الأمور تدرس وتعرض وترفض أو تقبل بمنتهى البساطة. وإلا فلماذا قبل مقترحي للمناقشة عبر مراحل دقيقة وأيضا درس بعناية من قبل لجنة الشئون الصحية بعناية فائقة وخبرة لصيقة بما تضمنه المقترح؛ وأوصت اللجنة بقبول دراسة المقترح وبينهم الأطباء والمختصون بشئون الصحة في بلادنا؟.
خامساً: أشار معالي الأمين إلى الآتي بقوله: «معظم مراكز الأعمال في عدد من المستشفيات الحكومية تم إيقافها، وشددوا على أهمية تقديم الخدمات الصحية في المستشفيات الحكومية للمواطنين بالمجان انطلاقا من توجيهات ولاة الأمر». وفي هذا أقدر لمعالي الأمين فهمه لهذه الجزئية وكنت أتمنى أنه لم يشملها في تصريحه لأن فيها إدانة للمجلس الموقر لعدم توضيحه ما هي المراكز التي أقفلت وما هي التي لم تقفل, ومنهم الذين لا يزالون يعالجون في ما بقي من مراكز تجارية في المستشفيات الحكومية.
وبهذه المناسبة ولكون الرعاية الصحية تعد أولوية وطنية للجميع حيث ثقتي الكبيرة في كفاءة وحرص وإخلاص زملائي في المجلس فإنني أتقدم إلى مجلسنا الموقر برجاء خاص للعمل حالاً على تخصيص أربع أو خمس جلسات متتالية لمناقشة كامل الشئون الصحية في بلادنا للخروج بقرار متكامل وخطة إستراتيجية تسهم في تحقيق الرؤى السامية لبلادنا الغالية. فتحت قبة المجلس نخبة وطنية فاعلة ومؤهلة ومحبة للعمل البناء.
وبقي لدي في هذا الخصوص ما يمكن قوله؛ ولكنني أتمنى من معالي الأمين العام أن ينشر كامل ملف ومداولات ومداخلات هذه الجلسة كاملاً ودون تعديل في موقع لمجلس المتضمن كثيرا من شئون الجلسات والموضوعات تحقيقا لمبدأ الشفافية في العمل الوطني. كما أتمنى عرض الجلسة الثامنة الخاصة بهذا الموضوع تلفزيونيا ودون اختصار.
* عضو مجلس الشورى