اكتست بلادنا بحلة خضراء من أقصاها إلى أقصاها.. خرج الصغير والكبير، المرأة والرجل، المواطن والمقيم، في استقبال أو احتفال بعودة رجل الخير، ملك القلوب، وقائد الأمة عبد الله بن عبد العزيز.. وهذه المظاهر هي مظاهر أصيلة في شخصيتنا نحن السعوديين.. فلسنا موجهين أو
مبرمجين كما هي الحال في دول أخرى.. بل نحن طبيعيون مائة بالمائة.. وهذه الحفاوة والتقدير للملك عبد الله بن عبد العزيز هي خصال أصيلة نعتز بها في شخصيتنا الوطنية..
وفد أجنبي كان متواجداً الأسبوع الماضي وشهد هذه الروح الوطنية العالية لدى السعوديين وتقديرهم للملك عبد الله بن عبد العزيز، وكان مستغرباً هذه المظاهر الواسعة في كل أرجاء البلاد، فما كان منّا إلا أننا ذكرنا لهم أن هذه هي المملكة العربية السعودية، وعلاقة المواطنين بقيادتهم هي علاقة متينة ومبنية على أساس الحب والتقدير، وليست كما هي في دول أخرى، على أساس الخوف والتنكيل.. وأضفنا: نحن السعوديين نعيش حالة خاصة مع الملك عبد الله بن عبد العزيز - ومن سبقه من ملوك الدولة - فهو شخصية يمتلك التأثير، ويستقطب على الاهتمام.. نحن شعب يعشق طبيعة الأشياء، وعناصرها الحقيقية، ونحن شعب يكره التملق والمجاملات.. ولهذا فإن مظاهر الترحيب التي قام بها شعب المملكة لعودة الملك عبد الله هي مظاهر حقيقية، وأصيلة، وطبيعية في شخصيتنا السعودية..
وأضفنا لهذا الوفد الأجنبي أن القيادة تقدر هذا الشعب وجميع مواطنيه في كل المناطق، ولهذا فقد صدرت أوامر ملكية عديدة خلال الفترة الماضية كلها تصب في خدمة المواطن، وتعزز من مكانته المعيشية، وتسعى إلى حل مشاكله المجتمعية.. فالقيادة السعودية حريصة على قراءة اهتمامات ومشاكل الناس بدقة، وبمسئولية وطنية.. والقيادة السعودية ممثلة في الملك عبد الله والأمير سلطان والأمير نايف هم مثال للقيادات الواعية التي تستوعب اهتمامات الناس، وتضعهم فوق كل اعتبار.. ومن يجلس معهم سيجد أنهم مواطنون قبل أن يكونوا مسئولين، مخلصين لوطنهم وشعبهم وقضايا أمتهم العربية والإسلامية..
وذكر أعضاء الوفد الغربي الذي كان يزور المملكة أنهم جداً متأثرون بمثل هذه الروح الوطنية التي لمسوها لدى السعوديين، وهذه الروح تغيب عنهم في بلدانهم، فالحياة هناك هي حياة تغيب عنها الروح الإنسانية، والعلاقات الحميمية.. فكل أنواع العلاقات هي علاقات رسمية وجافة وبدون مشاعر حميمية.. قوانين صارمة لا ترحم، وأنظمة اقتصادية لا تستثني أحداً.. حياة مبنية على نظام الفرد، دون وجود شبكات مجتمع وسياجات مرنة تقي الفرد أو تتفهم ظروفه ومشاكله..
والعلاقة التي يعيشها المواطن والمواطنة مع الملك عبد الله هي علاقة استثنائية بكل المقاييس، فكل كلمة ينطقها أو عبارة يقولها لها تأثيرها السحري على الناس، ولها مفعولها الاستثنائي على المشاعر.. فهو صادق في كلماته، صادق في مشاعره، أمين على مصالح المواطنين، ومخلص لقضايا الوطن.. وهذه تنعكس مباشرة في أذهان ومشاعر وقلوب الناس.. ولهذا فهم أحبوه لعفويته وطبيعته وأخلاقه وسمو مشاعره وإخلاصه لهم ولهذه البلاد.. ومن ينظر إلى قيادات سياسية خارجية يرى أنها شخصيات تعلبها شركات العلاقات العامة، وتغلفها أجندات خفية، فتقول ما لا تفعل، وتعلن ما لا تنوي، وتعمل ظاهراً غير ما تبطنه في الداخل..
أما شخصية الملك عبد الله بن عبد العزيز فهي شخصية طبيعية لها كاريزمتها الوطنية والدولية، وهي تعمل كما هي، لا كما تمليه برامج وحملات العلاقات العامة، أو مستشارو الإعلام والصورة الذهنية.. وهذا ما جعله في قلوب الناس دائماً، وفي مشاعرهم وأحاديثهم، لقد ملك الناس قبل أن يكون ملكاً، وتربع في عرش الحب الذي يكنونه له.. وتربى هذا الجيل الحاضر على تواضع القيادة، وتفهمها الاستثنائي، وإدراكها الواعي.. وهذا ما جعل شباب الوطن يتسابقون في استقباله عند عودته الميمونة، دون أن يكترثوا لأي بروتوكول رسمي، ودون أن يتوقفوا عند حدود الوقوف الجماهيري على جانبي الطريق.. بل هم حاولوا أن يقتربوا منه، ويعيشوا معه، ويعبروا عن مشاعرهم وأحاسيسهم نحوه.. هذا ما ذكرناه للوفد الغربي الذي كان في زيارة لمدينة الرياض في الأيام الماضية.. وهذا ما جعلهم يغادرون هذه البلاد وهم في قمة الإعجاب والإيجابية نحو هذه البلاد، ونحو شعبها وقيادتها..
المشرف على كرسي صحيفة الجزيرة للصحافة الدولية -أستاذ الإعلام المشارك بجامعة الملك سعود -