تأتي الساعة السابعة والنصف صباحا إلى منطقة قصر الحكم؛ فتجد المنطقة وكأن الناس لم يناموا لكثرة الحركة هناك؛ سيارات ومواقف مكتظة؛ ورجال يتجهون إلى مبنى إمارة منطقة الرياض؛ والكل يتمتع بنشاط الرجل الذي كأنه نام مبكرا ليصحو نشيطا؛ متفائلا لذلك الصباح.
هذا الحراك تجده أيضا داخل مبنى الإمارة؛ فأغلب الموظفين تجدهم في ذلك الوقت على مكاتبهم؛ والأجمل أنك لا تشم في تلك المكاتب رائحة البيض ولا الشطة التي تنتشر في مكاتب جهات أخرى؛ أما حبات السمسم التي تلتصق في خبز التميس أو على الجرائد فلا تجد لها أثرا عندهم؛ لأنها لا تستعمل كما في مكاتب غيرها؛ وإن استعملها أحد ممن لا تعد زوجته إفطاره فهو يختبيء بعيدا عن المراجعين ويأكل لقمته على عجل وكأنه يخجل من أن الزوجة أهملته!!
كثير من التناقض تجده هناك؛ وعكسه تناقض حسن هنا في إمارة منطقة الرياض؛ أي أنك عندما تريد أن تراجع الإمارة في شأن لك فاذهب مبكرا؛ ففي البكور بركة؛ حتى إذا جاءت الساعة التاسعة ستكون قد انتهيت وتخرج من الإمارة؛ لتراجع جهة أخرى لا يداوم أغلب موظفيها إلا بعد التاسعة؛ وهم على العكس من موظفي الإمارة الذين يأتون بنشاط وهمة ولباقة؛ تجد غيرهم يأتي متورم العينين والأنف؛ وهو يتكلم معك وكأنه يتصدق بكل كلمة يقولها بتثاقل وغنّه!!
يبدو لي أن هناك آلية تستعملها إمارة منطقة الرياض لتغري موظفيها بالدوام المبكر؛ والموظف دائما يرى في رؤسائه بالجهة التي يتبعها رمزا في تكوين نمط أخلاقي وعملي يمارسه ويتعود عليه في عمله؛ مثل حسن التعامل وحسن المظهر واللباقة والترفع عن كثير من أمور يجدر بالمثقف أن يجتنبها؛ وغيره من صفات لا بد أن يتصف بها الرجل الجاد.
يبدو لي أن كثيرا من الجهات تحتاج إلى تجربة إمارة منطقة الرياض في تعميق المفهوم السائد بين موظفي الإمارة؛ ليكون سائدا في كل الجهات ذات العلاقة مع الجماهير؛ خاصة وأن الناس لم يعد لديهم وقت طويل ليقضوه في زحمة الشوارع وكثرة الأعمال التي لا بد أن تنجز خلال الدوام؛ فإذا كان الدوام يبدأ فعليا التاسعة أو التاسعة والنصف؛ فكيف يجد المراجع وقتا لإنجاز معاملته وقد مضى من النهار ساعتان أو أكثر على الأقل.
هناك سر في بكور موظفي إمارة منطقة الرياض؛ وهو أن رأس الهرم في الإمارة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز يأتي مبكرا؛ فلا بد أن يكون قدوة لموظفي الإمارة؛ ولا بد أن يخجل الموظف في داخله من أن يأتي رأس الهرم مبكرا وهو نفسه يأتي متأخرا؛ هنا سر النشاط الذي نجده يبزغ مع بزوغ الشمس في إمارة منطقة الرياض.
ولعل الجهات الأخرى تعرف السر ليزداد السرور لدى المراجعين لهم؛ أليس في معرفة الخير خير؟!!