هناك مقولة وهي أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية ولكن يبدو أن هذه المقولة قد لا تنطبق على الشأن الرياضي مع أن الكثير من الرياضيين يرددونها دائماً في حواراتهم ومع هذا فهي لا تظهر إلا لدى القلة من الذين يتميزون بالرزانة والحصافة واحترام الرأي أما الأكثرية فقد غيبوها مع سبق الإصرار.
إلى هنا والأمر طبيعي لأن الجميع قد اقتنع بهذا المبدأ وتعايش مع هذا الطرح ولم يعد يثير الحساسية لأنه أصبح جزءاً من الواقع.
ولكن الغريب و(المريب) في نفس الوقت أن هناك من وجد في الإعلام الرياضي مناخاً مهيئاً لكي ينفث سمومه بطريقة واضحة ومكشوفة ظهرت بعض آثارها على الشارع الرياضي دون أن يلتفت أحد لذلك.
وهو في الواقع لا يطرح رأيا بقدر ما يمارس عملية تظليل وتزييف بطرق فجة ومكشوفة.
ولعل من المضحك أن نجد شخصاً من تلك الفئة المرفوضة من قبل الشارع الرياضي يتصدر المشهد الرياضي بالصوت والصورة والقلم ولعل مصدر العجب من الذي يدفع بهذا النشاز ويمنحه تلك المساحة لكي يهذي بخزعبلاته البائسة والمريبة؟!
في الصحافة ربما نجد بعض العذر لأسباب تسويقية وما شابه ذلك وهو نموذج من نماذج كثيرة تعج بها الصحافة الرياضية.. ولكن الغريب أن يخرج عبر الشاشة وفي قناتين محليتين خلال أربع وعشرين ساعة ففي ذلك سر لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم!! لأن هذا الإعلامي الذي نشاهده ونسمعه لا يملك من الأدوات ما يبرر حضوره المكثف فهو لايملك حس الناقد ولا لباقة المتحدث ولا يجيد وسيلة الإقناع ويفتقد للحضور الذهني ولا يستطيع الاسترسال في عرض رؤيته لضحالة ثقافته وضعف حجته وهشاشة طرحه حتى فن المراوغة الذي يحاول أن يكون سلاحه الوحيد يغيب في حالات كثيرة مما يوقعه في الفخ دائماً. إذن شخص بهذه المواصفات والقدرات المتدنية كيف يعطى هذه المساحة وهو الذي ينطبق عليه مقولة (فاقد الشيء لا يعطيه).
وأنا حينما أقول إنه مرفوض وغير مقبول في الساحة الرياضية فهذا ليس رأيا خاصا بقدر ما هو بناء على معطيات ظاهرة للعيان. فإذا كان مرفوضاً من داخل البيت الذي يحتضنه وأقصد من قبل إعلامه وجماهيره فكيف يكون مقبولاً من خارجه. لقد فوجئت وأنا أتابع برنامج (الجولة) في الحلقة التي تلت ظهوره في ذلك البرنامج حيث كان مراسل الجولة في نادي الاتحاد يرصد آراء الجمهور الاتحادي حيال الاستقالات التي تمت في النادي حيث تحدث الكثير منهم وعبروا عن رؤيتهم عن ذلك الحدث ولكن الملفت أن جميع من تحدث رددوا بصوت مسموع أنهم كانوا يتمنون أن يكون مدير المركز الإعلامي قد لحق بمن استقالوا وتلك مفارقة عجيبة فكلنا يعرف أن الكثير من الإعلاميين الاتحاديين يرفضون وجوده في هذا المكان وأنهم على خلاف تام مع توجهاته ولكن أن تنضم إليهم جماهير النادي فهذا ما لم يكن معروفاً إلا بعد أن كشفته الجولة بالصوت والصورة وهذا دليل على أنه يكتب لنفسه ويحاور ذاته ويدور في حلقة مفرغة لم تسعفه إمكاناته المتدنية الخروج منها.
والغريب أنه يكتب عن نادي (الهلال) أكثر مما يكتبه عن ناديه الذي يديره إعلامياً فقد تفرغ لمحاربة النجاحات الهلالية المتوالية التي أصبحت كابوساً مزعجا ومفزعا له.
مع أنه ينطبق عليه قول الشاعر:
كناطح صخرة يوما ليوهنها
فلم يهنها واوهى قرنه الوعل
ولعل آخر ما تحفنا به لافضّ فوه أن جماهير الهلال لا تشكل سوى 10% من الجماهير الرياضية وزاد بمعلومة غيبية أو بمعنى أصح -غبيّة- وهي أن التسعين بالمائة من النسبة الباقية من الجماهير سوف تشجع نادي الشباب في مباراته الأخيرة مع الهلال، معلومتان كل واحدة أتعس من الأخرى وكلاهما تمثلان فكرا خاويا يعيش أزمة وانفصالا عن الواقع. ولكن ربما أن صاحبنا متأثراً بالإعلام المصري الرسمي الذي كان يقول عن المتظاهرين أنهم (شوية عيال) بينما الملايين يحتشدون في ميدان التحرير فما يقوله قريب من هذا الطرح الإعلامي الهزيل ولكن كما يقال فالجاهل أعمى والجهل بطبيعة الحال ليس مذمة بقدر ما هو صفة إلا إذا ادعى الجاهل العلم والمعرفة وهو لا يملك الأدوات التي تساعده في ذلك فيصبح نقيصة. والجاهل هو من يرفض الاعتراف بالواقع ويحاول الإلتفاف على الحقيقة بطريقة لا يقبلها العقل والمنطق. والجاهل من يسفه المعلومة المبنية على أسس علمية ودراسات منهجية واعتبارات ومفاهيم لا تخضع للتسويف والتزييف من مثل ما قامت به زغبي وإيبسوس. والجاهل من يرفض المعلومة التي أقرت بها قناة ART الاتحادية الهوى من حيث الجماهيرية التي منحتها للهلال.. الأدهى من هذا وذاك ما قامت به شركة (موبايلي) من رصد للجماهير قبل أن تفوز بعقدها مع نادي الهلال بمبالغ تفوق بعشرات الملايين عقود الأندية الأخرى.. بل إن شركة الاتصالات السعودية قد حاولت إغراء النادي الجماهيري بدفع مبالغ تفوق عقده مع شركة (موبايلي) مع دفع الشرط الجزائي لزوم فسخ العقد فهل هذا الصراع يستهدف عشرة بالمائة من الجماهير على رأي أبو الأقواس وهي شركات ربحية تبحث عن المصلحة لها لمساهميها بعيداً عن أي اعتبارات أخرى!! إنه الجهل بعينه. في برنامج الجولة والذي كان صاحبنا ضيفه قال إن الهلال دخل موسوعة (جينيس) في الدلال الذي يحظى به وحينما طلب منه مقدم البرنامج سرد ثلاث حالات تثبث ذلك انتهض وتململ وانبرى قائلاً -خذ يا سيدي- تأجيل مباراة الهلال مع الاتحاد في الدور الأول وإلغاء قرار لجنة الانضباط بخصوص إيقاف رادوي ثم توقف ولم يستطع أن يكمل فقال له المقدم والثالثة فصمت برهة وأجاب (سبني أفكر) حيث ذهب مقدم البرنامج إلى مدير المركز الإعلامي بنادي الهلال الذي كان على الخط وطلب منه ثلاثا تدل على تدليل الاتحاد فذكر على الفور ثلاث حالات من العيار الثقيل تصب في مصلحة الاتحاد كفريق أكثر دلالا وهي حالات لا علاقة لها بالتأجيل أو التقديم الذي كان ماركة مسجلة باسم نادي الاتحاد منذ الموسم الماضي وإن كنت أتمنى لو أنه ذكر قصة اللاعب الأرجنتيني (زاراتي) الذي حضر خصيصا للمباراة النهائية ولعب نصف شوط بنصف مليون دولار بطريقة فيها التفاف على النظام وكذلك ليته ذكر تسجيل اثنين من اللاعبين الأجانب (ليما وماركاو) البرازيليين بطريقة غير نظامية لمشاركة الاتحاد في بطولة كأس العالم كدعم لوجستي من الاتحاد المحلي ولكن النادي الأهلي المصري كشف اللعبة متسلحا بالنظام الدولي ولم يمررها كغيرها من التجاوزات التي تصب في مصلحة نادي الاتحاد أبعد هذا يأتي صاحب البيت الزجاجي ويرمي بالحجارة فعلا أنه زمن (قعّوس) بفتح القاف وتشديد العين المرفوعة ولله في خلقه شؤون.
صالح المرزوقي