التلكؤ والتخاذل في أداء الواجب الذي تفرضه الأحداث يجعلان من المتخاذل شريكاً في الجريمة.
هذا بالضبط ما يراه الليبيون في مواقف الغرب الذين يتفرجون على المذابح والجرائم التي ترتكبها كتائب القذافي وطيرانه الحربي والمرتزقة الأفارقة.
الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والذراع العسكري للغرب (حلف الناتو) قادرون على وقف حمام الدم الذي ينفذه القذافي، والذي سيتسع أكثر فأكثر إن لم يجد من يوقف إجرامه. فالليبيون الذين لا يريدون تدخلاً عسكرياً على الأرض، لا يريدون استبدال القذافي بهيمنة استعمارية، ولكن باستطاعة أمريكا والغرب أن يوقفوا إجرام القذافي ومرتزقته من خلال منعه من استعمال أدوات التدمير التي يمتلكها.
ففرض حظر جوي على سماء ليبيا يوقف المجازر التي تحدثها الطائرات المقاتلة، مثلما حصل مساء الجمعة حينما دمَّر صاروخان مستودعاً للذخيرة في بنغازي، حيث تناثرت الجثث خارج المستودع وازدحم الجرحى في مستشفيات المدينة.
كما أن تدفق المرتزقة الأفارقة الذين وجدوا عملاً يدر عليهم الأموال يعيثون فساداً في ليبيا. وهؤلاء المرتزقة معروف من أين يأتون والطرق التي يسلكونها. والغرب وأمريكا بالذات لديهم الوسائل لصد تحركات هؤلاء، إلا أن الغرب لا يريد وقف الطيران العسكري الليبي ولا تدفق المرتزقة الأفارقة، لأن الغرب لا يريد أن يظهر وكأنه من يحرك الأوضاع في ليبيا، ولا يريد أن يعطي ذريعة للقذافي وغيره من الحكام الذين تعرضوا للتغيير بأن يقولوا إن التدخل الأجنبي هو الذي أسقط حكمهم.
الأمريكيون والغرب عموماً يعرفون أن ليبيا لا تمتلك دفاعاً جوياً قادراً على منع الغرب أن يفرض سيطرته على سماء ليبيا. ويعرفون أن الحدود الليبية مع دول الصحراء الجنوبية مالي، النيجر وتشاد مفتوحة ولا تحتاج سوى المراقبة والتعرض لقوافل المرتزقة، إلا أن مصالح الغرب لا تتأثر بدماء الليبيين مهما سالت على شعابها وصحرائها، فالنفط لدى الغرب أزكى وأهم من دماء كل العرب وليس الليبيين وحدهم..!!