ولأننا توقفنا بالأمس عند إقرار حقيقة صناعة الرأي العام, والفردي من خلال الأدلة، والشواهد، والبراهين، التي يتمكَّن بها الفرد عبر هذه المباشرة من التعايش مع الأحداث, بما يجعله يملك حق النطق, شاهدًا, وصاحب رأي, وبالتالي صاحب موقف..
فإن ما يؤلم من الشواهد والمقتضيات، هو ما حدث في المجتمعات العربية التي أزبدت، وغلت، وكشفت الأقنعة، ما أدى إلى نتائج، ومواقف مختلفة، بعضها يكتسب التأييد، وبعضها يشعل الأحزان، وبعضها يبعث للتفكر، في مدى عدالة ميزان الرأي العالمي، ومصداقيته، ووضوحه، وموضوعيته، من خلال توقيت وشكل ومضامين مواقفه وقراراته، فقرارات التجريم الدولي على سبيل المثال لمرتكبي العنف, والإيذاء للبشر, والمسببين للفتك في الأرواح ليست ذات معايير موحدة، ولا بنود واضحة، ومن ثم، فإن تقرير إجراءات الاستجواب، والمحاكمة التي فرضتها وأقرتها وأجمعت عليها، كان يمكن أن يأخذ وقعه المطمئن بعدالة دولية، وبميزان حق، لو أنهم أيضًا نظروا من قبل إلى الموجبات الشبيهة، بل الملحة في ذلك المزيد من الجرائم الشبيهة، التي نهكت قوى الفلسطينيين لأكثر من نصف قرن، وتجاوزها, وتضاعفها، بما لم يعد قابلاً للحصد من الأرواح والممتلكات التي فنيت وتفنى كل يوم، وهذا العنف، والأذى النفسي والجسدي الذي يواجهه الفلسطينيون، في مقابل ستة آلاف ليبي، أشعلوا حماس, وحمية المجالس، والمنظمات الدولية.., وإن جاء القرار صائبًا لأبعد الحدود.
إن الشواهد والأدلة التي مكنت المشاهدين في أطراف الأرض، ومخابئها تدين إسرائيل، لم يعد الفرد جاهلاً بميل كفة الميزان الدولي، وبعدم عدالة الرأي، ومصداقية القرار, ونبل الموقف الدولي من قضية عدوان إسرائيل المستمر للمواطنين في فلسطين.
لذا ما نتائج جمعيات الحقوق الإنسانية.., والمجالس الدولية.., من الصدق, والأمانة، في التعامل مع مشكلات الدول الأعضاء جميعهم سواء..؟ وهي بالشواهد المباشرة ليست على أية حال مطلقة.
إن أبرز التداعيات التي ولدتها المباشرة مع أحداث الساعة في جميع أنحاء العالم، لا تمنح الإطمئنان أبدًا..
بل تجعل الإنسان في كل مكان، على نقيض وجهيها، يتقلب في خيباته، ويتمكن من يأسه، وهي تجعله يتمنى لو أنه بقي في حياته الأولى, تلك التي مع بساطتها كانت أكثر صدقًا، وأشد نقاءً.
ولك الله يا فلسطين..