إلى أين تتجه ليبيا بعد أن أصبحت موازين القوى شبه متقاربة ما بين الثوار الليبيين، وقوات النظام التي تضم الكتائب الأمنية، وما تبقى من وحدات عسكرية وطيران حربي؟
هذا التوازن في القوى يجسده تبادل السيطرة على المدن الليبية التي مرة تسقط بين الثوار ثم تدخلها قوات القذافي، والنتيجة سقوط عشرات القتلى من أبناء الشعب الليبي الذين قد تدفع بهم الأحداث إلى أن يكونوا وقوداً لنار مستعرة تحرق هذا الشعب الذي ظل تحت الاستعباد أكثر من أربعة عقود، ولا يفترض أن تكون نهاية هذه الفترة المستبدة التي حرم فيها الشعب من خيرات وثروات بلاده، ليحرق بعدها وتسيل الدماء على كثبانه لمجرد أن الشعب ثار رافضاً الظلم والاستبداد.
قهر إرادة الشعب الليبي من خلال ما يقوم به العقيد القذافي من أساليب لإجهاض الثورة التي كشفت بأنه لا يتوانى عن استعمال أي شيء للبقاء في السلطة، ولهذا فإن مستقبل ليبيا يثير المخاوف إلى مستوى أصبح الكثير ممن يتابعون ما يجري في شمال إفريقيا يتوقعون بأن تهديدات القذافي وابنه سيف الإسلام ستحول ليبيا إلى صومال البحر الأبيض المتوسط؛ ذلك أن القذافي إذا فقد السلطة فسيحول كتائبه الأمنية إلى مليشيات تعيث فساداً في ربوع ليبيا. ولا يخفى أن القذافي يهدف من وراء هذه الادعاءات إرهاب الغرب وأوروبا بالذات؛ فليبيا غير الصومال، ليس لأن ليبيا على تماس إستراتيجي مع الحد الجنوبي لأوروبا، وأن البحر الأبيض المتوسط بحيرة إستراتيجية تشكل عازلاً لأمن أوروبا والغرب عموماً، بل لأن نفط ليبيا مهم جداً لأوروبا بالذات، بالإضافة إلى أن الأوروبيين لا يريدون أن تكون ليبيا مستودعاً لمجموعة مشاكل أقلها تصدير الإرهاب والمهاجرين والقرصنة، بحيث تصبح بحيرة البحر الأبيض المتوسط بحيرة قراصنة معيدة عصر «الصقالبة».
الغرب يعي تماماً أن القذافي قادر على أن يصنع كل هذه الكوابيس للغرب، ولهذا فإن أمريكا ودول الغرب الكبرى مترددة في اللعب مع هذا الشخص الخطير الذي يتجاوز خطره ابن لادن والقاعدة وكل قائمة الإرهابيين التي وضعها الغرب.