فاصلة :
(لا مداراة للخلق السيئ القبيح،كالشجرة المرة لو طليت بالعسل لم تثمر إلا مرا ً)
- علي بن ابي طالب رضي الله عنه -
وصلتني بعض الرسائل على بريدي الاليكتروني بعد مقالة يوم الاحد الماضي التي نشرت فيها رأيي المعارض لما يحدث من عنف من قبل بعضهم في معرض الكتاب الدولي في الرياض. يمكن وصف تلك الرسائل بأنها شتائم غير راقية وأنا وغيري من الكتاب لا نتعجب منها فمن ألّف فقد اُستهدف ولكن أحببت اليوم أن نتأمل في شخصية هؤلاء الذين يشتمونك لمجرد انك خالفتهم الرأي.
من هم ؟ ما ثقافتهم ؟ لماذا يفعلون ذلك ؟
الانسان هو ابن بيئته وتحديدا اسرته التي يتعلم فيها كل القيم التي تؤسس بنيان شخصيته الذي يشتم بألفاظ نابية لم يتعلم في اسرته معنى احترام ذاته فلذلك هو لا يستطيع احترام الآخرين!! الطفل الذي يعتاد سماع الالفاظ الجارحة في أسرته وتمر مرور الكرام الشتائم بينه وبين إخوته وأحيانا يتم تشجيعه من قبل والديه على استخدام العنف اللفظي في حال واجهه أحد زملائه في المدرسة باعتداء يتعلّم دون وعي كاف بأن الطريقة الوحيدة للدفاع هي الهجوم، ويتعلمّ ايضا أن الغاية تبرر الوسيلة ويمكنه استخدام أي عبارات وأي سلوك مهما كان مضرا للآخرين فقط ليدافع عن نفسه.
هذه القيم خطيرة جدا لأن الطفل يكبر ويصبح مسئولا عن عمله وأسرته وهنا تظهر اثر القيم التي تعلمها منذ صغره لكنه مع تقدمه للسن يمارسها بأكثر حرفية، لذلك مثلا تجد ان من يشتمك عبر الايميل لا يذكر اسمه وايميله عبارة عن رموز، يمارس الاخطاء دائما بمبررات لها.
لأنه لم يتعلم أبجدية المواجهة فهو أضعف من أن يعبّر عن رأيه ويعارض من يختلف معه لذلك يلجأ الى العدوانية التي هي سبيل الضعفاء.الانسان القوي ليس بحاجة الى الصراخ في النقاش او استعمال الالفاظ البذيئة لأنه تعلم في اسرته ان هناك طرقا راقية في التعامل مع من يختلف معهم.التسلط والإهمال من قبل الوالدين على أبنائهم يكون نتاجه شخصيات مهزوزة لا تستطيع التأقلم بسهولة في الحياة، وبعضهم يكون معرضا لاضطرابات في الشخصية تجعل من الذين يتعاملون معهم يعانون من عدوانيتهم وسوء فهمهم وتبنيهم الافكار الخاطئة دون استعمال العقل في مناقشتها.
عندما تصلني مثل هذه الرسائل الممتلئة بالمشاعر السلبية أشفق على اصحابها، فالشتيمة لا تلصق بأحد خاصة إذا أدركنا انها ناتجة بسبب تعبيرنا عن رأينا سواء كان الرأي صوابا ام خطأ فمن حق الجميع أن يمارسوا هذا الحق دون إضرار بالآخرين.