كل يوم نتابع جلسات مجلس الشورى التي تدور ما بين (يدرس - يناقش)، وإن كان هناك موضوع خارج عن المواضيع التقليدية التي يدرسها أو يناقشها فإننا نقرأ عنواناً صحفياً تحت اسم (جدل بين أعضاء مجلس الشورى). إذا نظرنا إلى هذا الدور المنوط بمجلس الشورى وأعضائه ولجانه فإنه لم يخرج عن المادة الخامسة عشرة من نظام المجلس الصادر قبل أكثر من عشرين عاماً، وتقرر هذه المادة أن دور المجلس هو إبداء الرأي في السياسات العامة للدولة التي تُحال من قِبل رئيس مجلس الوزراء، وللمجلس مناقشة الخطط الاقتصادية والاجتماعية، ودراسة الأنظمة واللوائح والاتفاقيات الدولية واقتراح ما يراه بشأنها، وتفسير الأنظمة، إضافة إلى مناقشة التقارير السنوية التي تقدمها الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى واقتراح ما يراه حيالها.
بالنظر سريعاً إلى المادة آنفة الذكر فإن تحديد مهام مجلس الشورى جاء كما تتضمنه الجلسات التي نتابعها، ونراقبها، ونبحث في داخلها عما هو جديد، أو عما يرضينا نحن المواطنات والمواطنين. وهنا نحن نطلب من المجلس مهاماً ليست من مهامه المحددة!
أعتقد أن نظام المجلس بمواده الثلاثين كانت متوائمة مع ذلك الزمن الذي صدر فيه، في زمن لم يجلس فيه المواطن السعودي أمام الفضائيات، ولا الإنترنت، كان ينتظر نشرة أخبار العاشرة ليعرف الأخبار، وينتظر إلى صباح اليوم التالي ليقرأ الصحف، وكان يقبع في منزله مساء كل يوم اثنين منصتاً إلى نتائج جلسة الوزراء. لم يكن المواطن السعودي آنذاك عضواً في أي مجموعة إلكترونية، ولم يكن له صفحة على الفيس بوك، ولا على تويتر، ولم يسمع في ذلك الوقت كلمة إرهابي ولا فئة ضالة، ولا إعلام غربي، ولا ثورة، ولا الشعب يريد إسقاط النظام، ولم يكن لديه أطفال لم يكملوا العامين بيدهم آي فون وآي بوت.
صدر ذلك النظام بمواده الثلاثين حينما كنا لا نعرف إلا ما تقوله الصحف الرسمية، وما نقر إلا ما يقرره المسؤولون، وننتظر من هم دونهم لتنفيذ ما يقررونه، ولا نعرف إن تم التنفيذ أم لا، وليس من حقنا أن نسأل أو نبحث، وتبدأ التكهنات في المجالس الخاصة، وتهمس بصوت منخفض لأن الجدران لها آذان، ويُمنع الأطفال من حضور هذه الجلسات التي فيها نقاش لأي قرار حكومي خوفاً من أن يتحدثوا به، فيُعرف أن كبارهم قد ناقشوه. كنت أتألم وأنا طفلة إذا تم منعي من حضور هذه المناقشات.
هذه تقريباً الخلفية الاجتماعية لذلك المجتمع الذي صدر أيامه نظام مجلس الشورى بمواده الثلاثين، فهل يا ترى هذا النظام ما زال قادراً على التعايش مع جيل البلاك بيري والخبر السريع الذي لا ينتظر نشرة العاشرة ولا صحف صباح اليوم التالي؟
إن هذا النظام بمواد الثلاثين كان صالحاً ومتعايشاً مع ذلك الجيل، لعلي أقول الجيل الأصيل الذي غرس فينا كل القيم والمبادئ التي بدأت تتسرب من أيدينا مع جيل الفيس بوك وتويتر. لست هنا في بكائية على ذلك الجيل، لكني أتحدث عما يمكن أن نتداركه من أجل أنظمة وقوانين تتعايش مع هذه المرحلة بكل معطياتها.
نظام مجلس الشورى بمواده الثلاثين بحاجة إلى تعديل في مواده وأنظمته ولوائحه، وأن تدخل فيه المرأة كائناً اعتبارياً لا مستشاراً لا يُستشار!
www.salmogren.net