لقد كان شعراء الجاهلية شعراء بالفطرة، حيث غُرست الشعرية فيهم فتدفق القول الرصين المحكم من أفواههم بعد أن اجتاز مراحل اختبار عديدة داخل مساحات العقل، فخرج ناضجاً مكتملاً لا يعتسف اللغة ولا يخرق أنظمتها، بل يتسق معها اتساقاً يستثمر كل طاقاتها وإيحاءاتها بصورة تذهل المتلقي وتجعله يقف واجماً مشدوهاً أمام نص معجز.
في هذا الكتاب (نسج القصيدة العربية) للدكتور سعد العريفي دراسة تتركز على دحض النظرية القائلة يتفكك النص الجاهلي وتقطع أوصاله، هذه الفكرة التي أساءت لتراثنا اللغوي وأعلى شعرائنا قامة شحنت ورثة هذا الشعر الأصيل بانطباع سيئ عنه فجعلتهم يتلقونه تلقياً سلبياً لا يعطي هذا الشعر ما يستحقه. وسنتجول في هذا الكتاب على طائفة من نصوص الشعر الجاهلي المشتملة على لوحات رسمها الشعراء للحيوان، لمحاورتها واستكناه حقائقها، وتلمُس تركيبتها الداخلية عبر تأمل بناها الصغرى والكبرى للوصول إلى الخيط النفسي الرقيق الذي يصل كافة شرائح النص، وينتظم جمله وألفاظه صوره, الكتاب يباع في مؤسسة الانتشار العربي بالمعرض.