تشعر وأنت تتجول في أروقة معرض الرياض الدولي للكتاب بأنك ترافق مفكري البشرية وهم يكاتفونك وتتنسم أنفاسهم وتتلاقح مع أفكارهم التي حوّلت القاعات الكبيرة للمعرض إلى صوامع للفكر والثقافة، وقد تحوّلت هذه الصوامع إلى مواقع يتفاعل في أروقتها حراك ثقافي يتوافق مع ما تشهده المملكة من تفاعلات شملت كل أنواع الحياة. والذي يُسعد الإنسان ويُشعل جنباته الفرح هو أن يرى الكثير من المشاهد التي تؤكد أن المعرفة والقراءة أصبحتا جزءاً من المشهد الإنساني المعاش. كنا نشاهد عربات مخازن الأغذية «السوبر ماركت» وهي تخرج مُحمَّلة بالأغذية والمعلبات؛ فيستفزك المشهد، ويجعلك تتصور أن الإنسان لا همّ له إلا أن يحشو بطنه بالأكل.

في المقابل تتابع العربات وهي ممتلئة بالكتب التي ستقوم مقام الغذاء.. غذاء للفكر؛ فتفرح كثيراً.

عربات تُشكِّل مشهداً متكرراً، تراها كل يوم تخرج من قاعات معرض الرياض الدولي للكتاب وهي ممتلئة.

عربات تُجسّد حراكاً فكرياً وثقافياً يساهم في تغيير المجتمع نحو الأفضل؛ فأُمَّة تقرأ لا بد أن تُحدث التغيير للأفضل. وما شاهدناه من اكتظاظ قاعات المعرض وكميات الكتب التي أقبل عليها رواد المعرض يؤكدان أن المجتمع السعودي مجتمع مثقف، والمواطن قارئ نهم بما يلغي كثيراً من المقولات والادعاءات التي تزعم أننا شعب لا نقرأ.

معرض الرياض الدولي للكتاب يؤكد من جديد أن المعرفة والثقافة لا يمكن الاكتفاء من النهل من ينابيعهما؛ ولهذا نرى هذا الإقبال الكبير الذي يزداد كل عام، ولا بد أن ينعكس المكسب المعرفي على سلوك وثقافة المجتمع؛ ما يسهم كثيراً في إحداث التغيير نحو الأفضل.