وجد ضعاف النفوس والحاقدون على هذا الوطن والمتربصون به في بعض الصور التي قد تعبر عن بعض أوجه القصور والخلل وتقصير المسئولين الفرص التي ينتظرونها لنقل حالات منتقاة بعناية رغم أنها لا تعبر عن الواقع وقدموها للناس على أنها أخطاء مقصودة وتقصير ملازم لعمل كل الأجهزة الحكومية وشواهد لعدم الاهتمام بالمواطن. الأمر الأكثر سوءا أن هذه الصور قدمت على أنها عينات عشوائية مختارة من بين آلاف الصور! وعرضت على جمهور عريض أغلبهم لا يملكون القدرة على المقارنة بين الإيجابيات الكثيرة والسلبيات القليلة. ولا يدركون حجم الميزانيات الضخمة التي ترصدها الدولة سنويا من أجل تنمية ورفاه المواطن ولا يقدرون أن هناك أخطاء فردية ربما تراكمت خلال سنوات من مسئولين لم يحسنوا التعامل مع الدعم الضخم من الدولة وأن الخطأ صفة ملازمة للعمل البشري وهي موجودة في كل دولة.
مقطع يوتيوب تم بثه وتداوله عبر الإنترنت قامت بإعداده مجموعة حاقدة ولأغراض دنيئة يضم مجموعة من الصور لفتاة يتيمة تنام في الشوارع من سبعة أشهر، ومطلقة يتيمة لا تملك مسكنا، ومواطن مطرود من بيته مع أسرته لعدم قدرته على تسديد الإيجار، وأسرة كاملة مهددة بالطرد من المنزل بعد وفاة والدهم وعدم وجود من يسدد عنهم وابنهم الوحيد عاطل، ومواطن طاعن في السن تكالبت عليه الظروف من كل اتجاه حيث لا يملك منزلا ولا وظيفة ولم يجد إلا خيمة متواضعة ليسكن فيها مع عائلته، وزوجة مواطن سجن بسبب الديون تقيم مع أبنائها في خيمة ومريضة أنهكها المرض والفقر تبحث عن محسن يتكفل بعلاجها، وأسر معدمة تسكن في كراج سيارات، ومواطن مغلوب على أمره يستقر مع أسرته داخل حوض سيارة «وانيت»، وسعوديات يعملن خادمات في المنازل وعاملات نظافة في أماكن متفرقة.
صور يقتنصها أصحاب القلوب السوداء والنوايا السيئة ليشوهوا صورة هذه البلاد وحكامها ويسيئون لشعبها في عملية مكشوفة لزعزعة الثقة وإثارة البلبلة. لكنها صور في المقابل ينبغي عدم إهمالها وضرورة النظر إليها من قبل المسئولين بعقلانية ورؤية تحليلية وأنها تمثل سلبيات أو جوانب قصور تحتاج للتدخل والحل السريع إذا كانت صحيحة.
لو عدنا إلى صور الحالات المعروضة في المقطع بافتراض صحتها لوجدنا أنها لعاطلين عن العمل وهذه مسئولية مشتركة بين وزارة المالية المختصة باعتماد الوظائف ووزارة الخدمة المدنية الجهة التشريعية والقانونية ووزارة العمل المسئولة عن التوظيف في القطاع الخاص وسنلاحظ صورا أخرى لمطلقات وأرامل وفقراء وأيتام والجهة المسئولة عن حل مشاكلهم والتخفيف من معاناتهم وزارة الشئون الاجتماعية أما بقية الصور فهي لمرضى تقطعت بهم السبل فلم يجدوا من يهتم بهم بإدخالهم المستشفيات وعلاجهم داخل المملكة وإن تعذر فخارج المملكة والجهة المسئولة في مثل هذه الحالات وزارة الصحة.
السؤال الذي يتردد صداه هل يوجد آلية ومعايير واضحة لمحاسبة مثل هؤلاء المسئولين عن تلك الأخطاء وغيرها -ومرة أخرى بافتراض صحتها- كي لا تتكرر وتتراكم؟ صحيح أن ولاة الأمر عودونا دائما على تلمس مكامن الخلل والدليل أنهم يبادرون إلى إعفاء المسئولين المقصرين لكن هل هذا يكفي؟
إقالة المسئول جيدة وخاصة عندما يبالغ في ارتكاب الأخطاء لكن الأجود المحاسبة المستمرة بهدف إصلاح الأخطاء فالمحاسبة للمسئول تأتي مقابل ما تمنحه الدولة له من ثقة وصلاحيات وميزانيات والأهم أن سمعة الوطن فوق كل اعتبار.