جميل أن نسمع رأي عالم أو مفكر أو مثقف أو صحفي أو مسؤول أجنبي عن نهضة المملكة العربية السعودية وازدهارها في المجال الذي يعني المتحدث، وهذا نهج إعلامي معروف. ولكن المؤسف أن صرح الكثير من هؤلاء بأنهم «فوجئوا» بما شاهدوه في المملكة العربية السعودية من نهضة وازدهار، أو بمستوى الإنسان السعودي ومساهمته العلمية، أو بما وصلت إليه الصناعة الوطنية. المؤسف أن نسمع عن هذه «المفاجأة» ونعيدها ونكتبها بأيدينا وكأننا نفخر بها. والواقع أن مثل هذه التصريحات تعكس نظرة سلبية للإنسان السعودي وللإنجاز السعودي، إذ كان المفروض أو المتوقع أن يكون وضعنا أسوأ، وأن تكون نهضتنا وازدهارنا أقل مما تحقق فعلاً. ولهذا فوجئ هذا الزائر الأجنبي بهذه الإنجازات وكأنها غير طبيعية في مجتمع صنع إنجازاً قياسياً يحتذى يستحق التقدير وينتزع الإعجاب في ميادين فكرية ومادية متعددة. كلمة المفاجأة هذه لا تعجبني، وإذا صرَّح بها زائر أجنبي، فمن الواجب على الأقلام الوطنية ألا تكتب ما يمس الإعتزاز والفخر الذي يفترض أن يشعر به كل مواطن وهو يخلق ويتعايش مع كل هذه الإنجازات الوطنية التي جمعت بين القدرة والطموح في أنموذج يستحق أن يضرب به المثل دون خدشه بما تحمله كلمة «المفاجأة» من انعكاسات سلبية على لوحة مشرِّفة من الإنجازات التنموية.
إن حصولنا على الغذاء ليس كرماً من الجزار والخباز ولكنه بسبب احترامهما لمصالحهما الخاصة. قال آدم سميث هذا القول فاعتبر أشهر عبارة في تاريخ علم الاقتصاد. وتأسيساً على ذلك، يمكن القول إن تنمية المجتمع تعتمد على إنتاجية الفرد التي لا تتحقق إلا باحترام العمل. وعندما يرجع الاقتصاديون سبب تفاوت دخول الأفراد في المجتمع إلى درجة احترام الفرد للعمل ومقدار الجهد الذي يبذله، فإنهم بذلك الإسناد ينفون تفاوت القدرات الذاتية بين الأفراد. وهو رأي قد لا يتفق معه غيرهم، ولكنه، بالتأكيد، يمثل قاعدة توفر للجادين نقطة البداية للانطلاق في زمن لا يرحم من يتوقف.
رئيس دار الدراسات الاقتصادية -الرياض