رأيتك عصيّ الدمع يا ابن الثالثة عشرة.. تتوجّع بصمت وسلّمتنا دور البكاء..
حتى هدّك الألم وأصبحتَ - تحت عناية الله - في العناية.. أسبوعين ونضارة وجهك الجميل ما حجبته أنابيب الأجهزة، لينخرَ السرطانُ دمك ويُلبِسَك سواده..
يا شبيه الطِباع ودّعنا وعيكَ قبلك.. حسبي بزائرك ناداك قبل دقائق ما استجبت، ورحمتَ استجدائي - عبد الله - والتقت عينا العَبرة بعينيك الذابلتين، وما أدري هل كرهتُ إجهادك أم استأثرتها لنفسي حين رجوتك ترجع للنوم.. النوم ! تعبيرنا الخادع لحالتك المُغيَّبة..
قبل الفاجعة بساعات.. كنتُ أقرأ وبصري لحرارة جسمك التي تخطّت حاجز الأربعين البارحة! وأرجعتُ البصَرَ لتقاسيم وجهك المُنهَك.. لأراها - لأول مرة - دمعتيك يكسرُ مسارها وَجنتيك!.. أعماني فضاء الأمل عن أنها لغة الرحيل..
ودخلت الممرضة تقطعُ وَصْلَ حوارنا الأخير.. أخّرتني عنك وأُجبِرتُ من خلف الزجاج على توديعك، اجتزأت من لساني آية الكرسي، ورجوتُ ربي أُكملها على مسمعك في جَوَارِه..
رباه.. ارحم في صِباه غدوّه ورواحه لحلقةِ القرآن يحفظ كتابك وهو عليه شاق..
محمد بن عبدالعزيز أبانمي