خَلُصتْ لجنة شُكلت للتحقيق في غرق أنفاق في الرياض بعد أمطار العام الماضي، إلى إدانة مشرف صيانة بتقصيره في متابعة أعمال المقاول المنفِّذ، وتهاونه في رفع الأخطاء التي اُرتُكبت في تلك المشاريع، والتوصية بحسم يومين من صافي مرتبه الشهري.
هل هذا العقاب كافٍ؟! هل حسم مرتب يومين، يوازي حجم غرق أنفاق عاصمة البلاد وواجهتها؟! هل تعي وزارة النقل أن هذا الخطأ تسبب في تعطيل مصالح الناس وإتلاف سياراتهم وتعريض ركابها لخطر الموت؟!
وزارة النقل تعرف تمام المعرفة كيف تجيب على هذه الأسئلة. فأول ما ستقوله، إن هذه العقوبة تنسجم مع الأنظمة، وأنها هي أقصى ما يمكن تطبيقه! الله يعطيكم العافية على هذه اللجنة، وعلى هذه العقوبة، وعلى هذه السرعة في كشف الحقائق. فما هي إلا سنة كاملة فقط لا غير، حتى اكتشفتم أن المهندس تهاون وتسبب في غرق الأنفاق. الله يعطيكم ألف عافية، فوزارات أخرى ربما لا تشكل لجنة تحقيق في أخطاء أجهزتها. وبعضها يكافئ المتسببين في الأخطاء، وينتدبهم للحديث في المؤتمرات الدولية، عن تجاربنا في تصريف السيول!! بعضها الآخر يشكل لجنة تحقيق، وتخلص النتائج إلى أن السبب في الخطأ هو المواطن: لماذا يقود سيارته أثناء المطر؟!!
إن مجرد تشكيل لجنة تحقيق، واستمرارها في العمل لمدة سنة، ووضع اللوم على المهندس، وحسم يومين من راتبه، لهو إنجاز نُحسد عليه، والسؤال:
-كم دفعت وزارة النقل من بدلات لأعضاء اللجنة الموقرة التي اجتمعت لمدة عام كامل، وأصدرت قراراً بحسم يومين من راتب المهندس؟!